الحَالُ | صُوَرُ الحَالِ | الحَالُ المُفْرَدُ - الجُمْلَةُ - شِبْهُ الجُمْلَةِ

الحال المفرد الحل جملة الحال شبه جملة

الحال: صور الحال | الحال المفرد | الحال شبه الجملة | الحال الجملة


أقسام الحال

الحل من ناحية الدلالة على الزَّمن

تنقسم الحال من ناحية دلالتها وتعلُّقها بالزمن إلى ثلاثة أقسام:
- الحال المقارنة: قد تكون الحال ما اصطلح عليه النُّحاة «حَالاً مقارنة»، وفيها يكون زمن الحال هو ذاته زمن عاملها، وأكثر ما تكون الحال على هذا القسم، مثل: «أَرَاكَ سَعِيداً».
- وتأتي الحال «حَالاً مُقَدَّرَة»، وهي الحال التي يتأخَّر زمن وقوعها عن زمن عاملها، مثل: «كَبِّرُوا لِلصَّلَاةِ رَاكِعِينَ سَاجِدِين»، فالرُّكوع والسُّجود يحدثان بعد تَكبيرة الإحرام.
- والقسم الثالث يكون فيه زمن الحال مُتَقَدِّماً على زمن وقوع الفعل، وتُسَمَّى الحال عندها «حَالاً مَحكِيَّة»، مثل: «دَخَلتُ البَيتَ مستأذنا»، لأنَّ الاستئذان يحدث قبل دخول البيت، وبعض النُّحاة ينكُر القسم الأخير، ويذهبون إلى أنَّ زمن الحال لا يمكن أن يتقدَّم على زمن عاملها، لأنَّ الحال في المثال السابق جاء يصف هيئة الفاعل وقت دُخُوله، ولم يصفه وقت الاستئذان، وإنَّما وصف دخوله بالاستئذان وقَرَنَه به.

صور الحال

يأتي الحال على أربعة صور، مع الاختلاف على صورة واحدة على الأقلِّ:

1-    فقد يُؤتَى بالحال اسماً مُشتَقّاً، وهذا هو الأصل ويكثرُ مجيئه على هذه الصورة، مثل: «تَحَدَّثَ المُعَلِّمُ وَاقِفاً».

2-    ويمكن أن يؤتى بـالحال مصدراً يدلُّ على هيئة صاحب الحال، مثل: «حَضَرَ بَغتَةً».

3-    وقد يكون الحال شبه جملة، وشبه الجملة قد تكون من:
   I.  الجار والمجرور، مثل: «ذَهَبَ الفَتَى عَلَى قَدَمَيهِ».
 II.  وقد تكون من الظرف والمُضاف إليه، مثل: «تَقَدَّمَ الفَارِسُ فَوقَ حِصَانِهِ».

4-    وقد يكون الحال جملة تامَّة سواء كانت:
   I.         جملة فعليَّة، مثل: «قَامَ الطِّفلُ يَضحَكُ».
  II.         أو جملة اسميَّة، مثل: «قَامَ الطِّفلُ وَهُوَ يَضحَكُ».

والصُورَتَان الأوَّلِيَّتَان يتطابق فيهما الحال مع صاحب الحال في الجنس وفي العدد، على خلاف الصورتين الآخِرَتَين، ويُسَمَّى الحال في الصورتين الأوليتين حال مُفرد، بمعنى أنَّه يُذكَر على هيئة تركيب لغويّ واحد فقط، فلا يكون جملة تامَّة ولا شبه جملة. والحال في انقسامه إلى مُفرد وجملة وشبه جملة يُماثل الخبر الذي ينقسم إلى الأقسام ذاتها.

ألفاظ الحال السماعية المركّبة:
وُرِدَت هناك عدد من الألفاظ السماعيَّة المُرَكَّبة مُلازمَةً النَّصب على الحاليَّة، وفي الغالب تُؤوَّل هذه الألفاظ باسم مُفرَد، ومن هذه الألفاظ:
-   ما جاء مُرَكَّباً على صيغة لفظية مُشابهة لصيغة العدد «خَمسَةَ عَشَر»، مثل: «اُهرُبُوا شَذَرَ مَذَرَ»، بمعنى: مُتَفرِّقين مُشَتَّتِين، ومثل: «هُوَ جَارِي بَيتَ بَيتَ»، بمعنى: متلاصِقَين، ومثل: «حَارَبنَا المُستَعمِرَ كَفَّةً كَفَّةً»، بمعنى: مُتَوَاجِهَينِ.
-    ما جاء مُرَكَّباً تَركِيباً إضافياً، مثل: (أَيدِي سَبَأ، أَيَادِي سَبَأ، بَادِئَ بَدء، بَادِئَ بَدأَة، بَادِئَ بَدَاء، بدأة بدأة).

الحال المُفرَد

تعريف الحال المفرد

الحال المُفرد هو: مَا يُذكَر على هيئة تركيب لغويّ واحد، ويُقابله الحال عندما يُؤتَى به شبه جُملة أو جملة تامَّة. والحال المُفرد يضمُّ الحال عندما يكون اسماً مُشتَقّاً وعندما يكون مصدراً، وفي جميعها يُعرَب بعلامة أصليَّة سواءً كانت ظاهرة أو مُقَدَّرة، ويَتبَع صاحب الحال في العدد وفي الجِنس، وهذا ما يفتقده الحال شبه الجملة والحال الجملة. والحال في أصلِه هو اسم مُشتَق، وهذا يعني أيضاً أنَّ الأصل في الحال أيضاً أن يكون مُفرداً لا جملة أو شبه جملة، ويُقصَد بالاسم المُشتَق أسماء الوصف العاملة التي تُشتَقُّ قياسياً من الفعل على أوزان خاصَّة بها، وَتَدلُّ على ذوات مُتَصِفَة بالمصدر الذي اُشتُقَّت منه، فعندما يكون الاسم مُشتَقاً فهو قد يكون:

يرى بعض النّحاة أن مجيء الحال مصدراً ليس أسلوباً قياسياً، بمعنى لا يمكن لأيِّ مصدر أن يُعرَب حالاً، وإنَّما يقتصر ذلك على بعض المصادر التي سُمِع وقوعها موقع الحال في شواهد فصيحة، وفي المقابل يذهب غيرهم إلى أنَّه قياسي إطلاقاً.
ومِمَّن قال بقياسيَّة هذا الأسلوب محمد عيد.
ويرى بعض النُّحاة أنَّ الحال عندما يُؤتى به مصدراً يجوز إعرابه كذلك مفعولاً مُطلقاً مُبَيِّن للنَّوع، ويحصر البعض الآخر هذا الأمر في المصادر التي تُبَيِّن نوع عاملها فقط، وليس جميع المصادر.
فإذا قيل: «جَاءَ رَكضاً»، يمكن إعراب «رَكضاً» مفعول مطلق يعمل فيه فعل محذوف يُقَدَّر من نفس مادَّته، وذلك بتأويل الجملة على النَّحو: «جَاءَ يَركُضُ رَكضاً»، ويمكن في الوقت ذاته إعرابها حال بتأويل مُختلف، وذلك بتأويل المصدر باسم مُشتَق على النَّحو: «جَاءَ رَاكِضاً»، وُكلاً من التأويلين على صواب.
ويُناسِب بعض النُّحاة إعراب المصدر نائباً عن المفعول المُطلق وليس مفعول مُطلق، لتجنُّب تكلُّف التقدير، ولأنَّ المصدر اشتمل معناه على المفعوليَّة المطلقة ولكنَّ الفعل قبله لم يُطابِقه في اللفظ.
ويذهب بعض النُّحاة إلى منع مجيء الحال بهيئة مصدر، والمصدر في هذا الأسلوب هو مفعول مطلق، ويقتصر الحال المُفرد عندهم على الأسماء المُشتَقَّة فقط، وذهب جمهور الكوفيين إلى أنَّ المصدر في هذا السياق هو مفعول مطلق مُبَيِّن للنَّوع، وليس حال، والعامل فيه هو الفعل الظاهر المُتَقَدِّم. وكان المُبَرد يرى أيضاً أنَّ المصدر هو مفعول مطلق، غير أنَّ المبرد يراه مُؤَكِّد لفعل محذوف يُقَدَّر من لفظه.
وأجاز مُجَمَّع اللغة العربية في القاهرة مجيء الحال مصدراً في أحد قراراته

الحال شبه الجملة

من الممكن أن يأتي الحال:

- شبه جُملة: وشبه الجملة التي تُنصَب محلّاً على الحاليَّة قد تكون من:
  • الجار والمجرور، مثل: «تَرَكتُ رِفَاقِي فِي أَمَانٍ».
  • الظرف والمُضاف إليه، مثل: «غَادَرتُ فَوقَ القَارِبِ».
ويَذهب البعض إلى أنَّ شبه الجملة تكون من الظرف فقط، وليس من الظرف والمضاف إليه، فيُنصَب محلاً على الحاليَّة الظرف دون المضاف إليه في شبه الجملة.
وبعض النُّحاة يجعل شبه الجُملة مُتَعَلِّقة بمحذوفٍ، بحيث يكون هذا المحذوف هو الحال الحقيقية، وعادةً ما يُقَدَّر المحذوف «كَائِناً»، فيكون تقدير الحال الحقيقية في المثال السابق: «غَادَرتُ كَائِناً فَوقَ القَارِبِ» ويُعرَف تقدير حال محذوفة حلَّ محلَّها جارٌ ومجرور بالتضمين البياني.

الحال الجملة

قد يجيء الحال جُملة تامَّة الأركان، والجملة التامَّة الأركان هي ما تَكوَّن من مُسند ومُسند إليه، بطريقة يتمُّ الإسناد فيها، والحال الجملة أو الجملة الحاليَّة من الجمل التي لها محلٌّ من الإعراب، فتُعرَب الجملة ككل في محلِّ نصب حال.
والجملة الحاليَّة تحلُّ محلَّ الحال المُفرَد، بمعنى أنَّ الجملة عندما تنصب على أنَّها حال فهِي لا تُنصب كذلك باعتبارها جُملة منفصلة مُتَعدِّدَة التراكيب، حتى وإن كانت كذلك إلى حدٍّ ما، وإنَّما باعتبارها تركيب لغويٌّ واحد، بينما الألفاظ التي تُكَوِّنها لا تُعرَب حالاً وتُعرَب حسب موقعها الإعرابي المُلائِم.
ومن الملاحظ وجود تشابه بالغ بين الحال عندما يكون مُفرداً وبين الحال الجُملة، فيُمكِن تحويل الحال من كونه مُفرد إلى جملة أو العكس بدون تغيُّر الكَثِير في المعنى.
ويُنصب على الحاليَّة الجملة بنَوعَيها، سواء كانت هذا الجملة:
-       اسميَّة من المبتدأ والخبر، مثل: «مَرَرتُ بِأَحمَدَ وَهُوَ يَعمَلُ».
-       فعليَّة من الفعل والفاعل أو نائب الفاعل، مثل: «خَرَجَ الأَولَادُ يَلعَبُونَ» و «عَادَ البَطَلُ يُثنَى عَلَيهِ».

وتُؤَوَّلُ الجُمل الحاليَّة السابقة بالمُفرد على النَّحو: «مَرَرتُ بِأَحمَدَ عَامِلاً» و «خَرَجَ الأَولَادُ لَاعِبُونَ».
ولا مانع أن يكون الحال في بعض الأحيان جملة حاليَّة ضمن جملة حاليَّة أخرى، مثل: «صددت كما صد الرمي تطاولت به مدة الأيام وهو قتيل»، فالجملة الفعلية «تطاولت» هي حال يعمل فيها الفعل «صد»، والجملة الاسميَّة «وهو قتيل» حال آخر يعمل فيه الفعل (تطاولت).

شروط مجيء الحال جملة اسمية أو فعلية

يُشترطُ أربعة شروط لمجيء الحال جُملة فعليَّة أو اسميَّة:
  1. أن يكون صاحب الحال اسما معرّفا
  2. أن تكون الجملة خبرية
  3. أن تجرد هذه الجمل من علامات الاستقبال
  4. اشتماله على رابط يربطها بصاحب الحال
الشرط الأوَّل: أن يَكُون صاحِب الحال اسماً مُعَرَّفاً
فإن كان اسم نكرة فإنَّ الجملة بعده تُعرَب في محلِّ نعت، تطبيقاً للقاعدة التي تنصُّ على أنَّ الجُمَل بعد النَّكرات صِفات وبَعد المعارف أحوال.

الشرط الثانِي: أن تكون الجملة جملةً خبريَّة
فإن كانت الجملة لأغراض إنشائيَّة لا يصحُّ نصبها على الحاليَّة، فلا تُعرَبُ حالاً الجُمَل من مثل: «اِنتَهَى الطَّالِبُ مِنَ الاِمتِحَانِ هَل نَجِحَ فِيهِ؟» أو «اِنجَح فِيهِ» أو «لَا تَفشَل فِيهِ».

الشرط الثالث: أن تُجَرَّد هذه الجُمل من علامات الاستقبال
فيُشتَرَط ألَّا تُبدَأ هذه الجُمَل بأداة من أدوات الشرط أو «السِين» أو «سَوفَ» أو «لَن»، فلا يصحُّ نصب الجمل المُصَدَّرة بما سبق، ومن مثلها: (خَرَجَ الأَولَادُ سيَلعَبُونَ).

الشرط الرابع: اشتمالها على رابطٍ يربطُها بصاحب الحال
وهذا الرابط قد يكون واو الحاليَّة، مثل: «أَخَذَ مُوسَى المِفتَاحَ وَأَنَا نَائِمٌ»، وقد يكون ضمير عائد على صاحب الحال  مثل: «غَادَرَ المُزَارِعُ يَمشِي»، أو الأمران كلاهما، مثل: «تَسَلَّقتُ الشَّجَرَةَ وَعُصفُورٌ عَلَيهَا».
ويُضِيف البعض شرطاً آخر وهو ألَّا تكون الجُملة لغرض التَعَجُّب، لأنَّ التَعجُّب منه ما يدخل في الإنشاء ومنه ما يدخل في الإخبار أيضاً، ويمتنع نصب الجملة التعجُّبيَّة في كِلَي الحالَتَينِ.

يُمنَع مَجِيء الجُملة الحاليَّة مُستَعمَلة لأيِّ غرض إنشائي لأنَّ الغرض الأصلي من الحال هو مُطابَقة زمنها بزمن وقوع العامل، وبشكل عام فإنَّ الجُمل الإنشائيَّة ليس لها زمن مُعَيَّن، وفي الأغلب لا يعلم المتكلِّم على وجه اليقين زمن وقوعها وإنَّما يطلب أو يتمنَّى وقوعها أو ينهي عنها، وبالتالي لا يمكن تقييد زمنها وتطويعه ليُطابِق زمن العامل، وهذا ما يُخالف ويُناقِض صِفَةً جوهريَّة في الحال مُنِعَ بسببها مجيء الجملة الإنشائيَّة حالاً.
غير أنَّ هناك من النُّحاة من أجاز هذا الأمر، فأجاز الفرَّاء مجيء الحال جملة فعليَّة فِعلها أمر، واستدلَّ فيما ذَهَبَ إليه بقول أبي الدرداء: «وَجَدتُ النَّاسَ اخبِرْ تَقلَه»، وأجاز الأمِين المحلِّي مجيء الحال جُملة فعلية فعلها مُضارع مسبوق بلا الناهية، واستدلَّ ببيتٍ شعري شكَّك البعض في فصاحته ذُكِرَ فِيه: «اطلِب وَلَا تَضجَر مِن مَطلَبٍ»، وذهب ابن الشجري أيضاً إلى أنَّ الجملة الدعائيَّة قد تُنصَب على الحاليَّة، مُستَدِلاً بالآية القرآنيَّة: «وَالمَلَائِكَةُ يَدخُلُونَ عَلَيهِم مِن كُلِّ بَابٍ، سَلَامٌ عَلَيكُم...»، وذلك على التأويل بالقول: (يَقُولُونَ: سَلَامٌ عَلَيكُم).
يَكثُر دخول «إِنْ» الشرطيَّة على الجملة الحاليَّة المسبوقة بالواو، وخاصَّةً في الشعر، فيُقال:


لَا حُبَّ تَنّشَّأَ فِي فُؤَادِي
فَلَيسَ لَهُ، وَإِنْ زُجر، اِنتِهَاءُ

للمتابعة إلى درس الحال التالي
من هنا
⧭⧬⧭

4 تعليقات

  1. مقالة مفيدة جدا شكرا لك 🌸🌸

    ردحذف
    الردود
    1. يُسعدني أن المقالة قد أفادتك.
      شكرا على ردّك اللطيف

      حذف
  2. الردود
    1. مرحبا بك، يمكنك الاطلاع على الأمثة أعلاه في قلب المنشور :-)
      مع فائق تحياتي

      حذف

إرسال تعليق

اترك تعليقا

أحدث أقدم