قراءة في كتاب: تأثير الفلسفة الإسلامية في الفلسفة الغربية

تأثير الفلسفة الإسلامية في الفلسفة الغربية

قراءة في كتاب: تأثير الفلسفة الإسلامية في الفلسفة الغربية


وبعد:
فإن موضوع كتابنا مضمونه تأثير الفلسفة الإسلامية على الغربية، ومعلوم أن لعلمائنا حضورا مشرفا في مختلف الحضارات، وذلك لغزارة علمهم المتنوع الذي شمل عدّة مجالات.

وكان للفلسفة الإسلاميّة تأثير كبير في أوروبا المسيحيّة، بحيث أدّت ترجمة النصوص الفلسفيّة العربيّة إلى اللاتينيّة "إلى حدوث تحوّل في جميع التخصّصات الفلسفيّة تقريبًا في العالم اللاتيني في العصور الوسطى"، مع تأثير قويّ بشكل خاصّ للفلاسفة المسلمين المتخصّصين بالفلسفة الطبيعية وعلم النفس والميتافيزيقيا.


التعريف بالكاتب: الدكتور عمار طالبي

- الدكتور عمار طالبي من مواليد 1934 من الجزائر. حاصل على دكتوراه الدولة من جامعة الزيتونة. وعميد كلية العلوم الإسلامية سابقا، ومدير جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية سالفا، ورئيس المجلس العلمي لولاية الجزائر حالياً، وأستاذ كرسي في الفلسفة الإسلامية جامعة الجزائر عضو مؤسسة آل البيت بالأردن، ونائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ورئيس تحرير جريدة (البصائر) لسان جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
-شارك في عدة مؤتمرات محلية ودولية وفي عضوية التحكيم لجائزة الملك فيصل مرتين، وله عدة مؤلفات وأبحاث منشورة، وحقق عدة مخطوطات تراثية منشورة.
المؤلفات:
1- مدخل إلى عالم الفلسفة 1999. مقرر بجامعة قطر لتدريس الطلبة: الدوحة، الناشر دار الحكمة.
2- تحقيق شرح ابن رشد لأرجوزة ابن سينا في الطب 1996. نشره مركز الوثائق والبحوث الإنسانية جامعة قطر.
3- تحقيق كتاب الكليات في الطب لابن رشد بالاشتراك مع الأستاذ الدكتور سعيد شيبان، أستاذ الطب، نشره اتحاد الأكاديميات الدولي، بالاشتراك مع مجمع اللغة العربية القاھرة 1989.
4- اصطلاحات الفلاسفة، الجزائر 1972. “الإسناد”.
5- ابن باديس حياته وآثاره، دمشق 1968 أربعة أجزاء.
6- آراء أبي بكر بن العربي الكلامية ونقده للفلسفة اليونانية، الشركة الوطنية للنشر، الجزائر 1976 (جزءان).
7- آراء الخوارج الكلامية، وتحقيق كتاب الموجز في علم الكلام لأبي عمار عبد الكافي الإباضي، الشركة الوطنية للنشر، 1976 (جزءان)بالجزائر.
8- تحقيق كتاب أعز ما يطلب لابن تومرت، الشركة الوطنية للنشر، الجزائر 1986.


التعريف بالكتاب: تأثير الفلسفة الإسلامية في الفلسفة الغربية

تأثير الفلسفة الإسلامية في الفلسفة الغربية، مؤسسة كنوز الحكمة، 1438هـ، 2017م
- عدد صفحات الكتاب:81
استهل المؤلف كتابه مباشرة بـ الحديث عن الترجمة ومراحلها وكيف ترجمت أعمال المسلمين الفلسفية إلى اللاتينية مستدلا بأهم أقطابها دون وضع مقدمة لكتابه على غير المعتاد.
- الهدف من تأليف الكتاب: إبراز أھمية الفلسفة الإسلامية ومدى تأثيرھا الجلي على الحضارات الأخرى منذ مطلعها إلى الآن.

الفصل الأول: بيان الكاتب للمراحل التي مرت بها ترجمة الغربيين لآثار المسلمين الفلسفية لعدة لغات.

المرحلة الأولى: اختلاف المؤرخين في تاريخ ظھور الترجمة إذ يرى معظمهم أن ولادتها، كانت في القرن الحادي عشر ميلادي فيما يؤكد"فؤاد سزكين" الذي يعد من أدقّ المؤرخين للعلوم وترجمتها، أنها ابتدأت في القرن العاشر ميلادي وأن أقدم ما وصلنا من ھذه الترجمات مجموعة ترجع إلى أواسط القرن العاشر، محفوظة في إحدى مكتبات برشلونة التي تحتوي على كتب في موضوع عمل الآلة الفلكية المعروفة بالإسطرلاب وستعمالها في الهندسة، ولهذه المجموعة أھمية في تاريخ انتقال العلوم من العربية إلى اللاتينية إذ ساھمت ھذه الترجمات في تأليف بعض الكتب استناداً على الأصول العربية، وقد حث "ريموند ليل" البابا على إنشاء مدرسة لدراسة اللغة العربية أثناء إنعقاد مجلس الكنائس، في فيناّ سنة 1311م،
ويذكر "فؤاد سيزكين" أن أحد، التجار من الجزائر زار مدينة سالنرو في إيطاليا ولاحظ المستوى المتدني الذي يغزو الطب والصيدلة، فعاد لبلاده وتعلم الطّبّ ليأتي من جديد لإفادة الإيطاليين، وھو المعروف باسم "القسنطين الإفريقي"، ونقل جرار كريموني الترجمات العربية لمؤلفات أرسطو إلى اللسان اللاتيني وأعمال ابن رشد 1220 م، وما إن حلت سنة 1220 م تقريبا إلاّ وقد تمت ترجمة هذه الأعمال الفلسفية.

(الإسلامية واليهودية)، وبعد ذلك بمدة ترجم Harmmanus Alimannus في طليطة شرح الأخلاق والشعر لإبن رشد كما ترجم Johanes Cundissalvi بمساعدة Solonon اليهودي كتاب الشفاء لإبن سينا، وبلغ الإھتمام بالعلوم أن فريدريك الثاني تعلم العربية والدارجة على يد أحد المسلمين، ويرَ رينان أن توماويرَ رينان أن الأكويني (تـ 1274) باعتباره فيلسوفا ترجع كل آرائه إلى إبن رشد وأن ألبرتالكبير (تـ 1280) ترجع آراؤه إلى ابن سينا وأن حجج رايموند مرتيني في رده على الفلاسفة ترجع إلى الغزالي، وھكذا نقل العرب إلى أوروبا فِكرھم والفكر اليوناني كما نقلت آراء الفلاسفة المسلمين إلى الفلاسفة الأوروبيين، واكتسبت طابعاً إسلامياً في النقل الحضاري ابتداء من القرن العاشر فانتقلت الأعمال العلمية والفلسفية إلى فلاسفة العصور الوسطى في صورة مخطوطات منذ الحروب الصليبية إلى أن أمست أھم المؤلفات الفلسفية المترجمة.

المرحلة الثانية: تمثلت في أواخر القرن الخامس عشر واختراع المطبعة، التي ساعدت في نشر الترجمات اللاتينية لأعمال الكندي ومؤلفات الفارابي وابن سينا، وبعد تهيئة ھذه الأعمال أخذ الأروبيون ينغمسون في قراءتها وتطويرھا ومنذ القرن العاشر إلى السادس عشر أخذ تأثير الفلسفة الإسلامية والعلوم طريقه إلى الفلاسفة المدرسين، واللاھوتيين بوضوح، سواء من الترجمات والقراءة من الأصول مباشرة ، لكن في القرن السابع عشر تقريباً إلى ما بعده أھملت الفلسفة الإسلامية و اليهودية وقل وهجها، أما الفلاسفة المحدثون لايذكرون مراجعهم وسكتوا عن فلسفة المسلمين وتوقف طبع أعمال ابن رشد سنة 1800م.
وتغير الوضع في القرن التاسع عشر حين ظھرت مادة تاريخ الفلسفة في ألمانيا، ثم في بلدان أوروبية أخرى فاھتم المستشرقون أثناء التوسع الأوربي في احتلال العالم الاسلامي بالفلسفة الإسلامية لكن برؤية غربية استشراقية، ويرَ السيد حسين نصران أن حوالي ثلاثة أجيال من النخبة الإسلامية أخذوا هويتهم الثقافية من خلال أعين الآخرين في أعمالهم.

الفصل الثاني: استخلص الكاتب في بضع سطور كيف أخذ العلماء الغربيين عن علماء المسلمين إبتداءً بالكندي منتقلا إلى الفارابي ثم ابن سينا وبعده الغزالي ونقد اسبينوزا للتوراة ثم مختتما فصله بإبن رشد اختصاراً، فما خلفوه من ثروة علمية كبيرة لا يسعها ما نذكره في صفحات بحثنا ھذا، ومن أبرز ھؤلاء العلماء:
- الكندي: الذي له تأثيره في العالم الطبيعي، والرياضيات خاصة وقد ترجمت عدد من مؤلفاته العلمية  ومنها البصريات، وأخذ برأيه في مسألة إمتداد الضوء، وذكر روجر بيكون في كتابه On definition and description ofthings.
- الفارابي: أثر الفرابي أيما تأثير في وضع المصطلحات الفلسفية وضعا عربيا، وفي المنطق في العالم الإسلامي، وكان له تأثير على فلاسفة (اليهود) وفي التقاليد الفلسفية لدى الفلاسفة المدرسين المسيحيين.
- ابن سينا: الذي أبدع ھو التالي وسلب الألباب فأثر فيما يسمى "السينوية اللاتينية " وقد بلغت مؤلفاته حوالي 242 مؤلفاً، وقد عرف في القرن الثاّني عشر في أوروبا باعتباره المؤسس الثاني من بعد أرسطو، وعلى الرغم من توما الأكويني في أعوامه الأخيرة انتقده فإنه أخذ الدليل الثالث على وجود اﷲ منه، وقد كان كتابه القانون في الطب نصا مفتاحيا للطب الغربي التقليدي لعدة قرون.
الغزالي: ثبت بالدليل الحاسم في النص أسفله

According V.V Naumtim it has definitely been es tablished that Descartes read-Al-Ghazali works this is proved . he says by a not in the cartésien. Collection of the bibliotéque nationale of Paris
Naumkim 1987.124
أن ديكارت قرأ أعمال الغزالي ودليل ذلك الثنائية التي تبناھا ديكارت وخروجه عن الفكرة السكولاستية.
وانتقال فكرة العلية للغزالي واستقلال العلوم عن الدين إلى ھيوم وإلى جاليليو ونقده الفلاسفة في قولھم بالضرورة العلية الطبيعية لعموم قدرة اﷲ وھي المسألة التي شاعت في القرن السابع عشر.
ابن حزم ونقد اسبينوزا للتوراة:
يرى إبن حزم أن المقصد من الفلسفة إصلاح النفس بإستخدام الفضائل وحسن السيرة، وحسن السياسية في المنزل والرعية وھذا نفسه ھو غرض الشريعة، وعقد في كتابه الفصل فصلاً عنوانه: فصل في تناقضات ظاھرة وتكاذيب واضحة في الكتاب الذي يسميه اليهود التوراة، وفي سائر كتبهم، وفي الأناجيل الأربعة يتيقن بذلك تحريفها وتبديلها وأن غير الذي أنزل اﷲ عزوجل، ويقول اسبينوزا من هذه الملاحظات يبدو واضحا جلياً أن موسى لم يكتب الأسفار الخمسة بل كتبها شخص بعده بقرون عديدة، وقد حاور ابن حزم اشموال يوسف ابن النغريلة اليهودي وناظره في سنة 404 ھ.
وأشار ابن حزم إلى الجهل بالجغرافيا في مسألة ذكر النيل و دجلة والفرات في نص التوراة المبدلة ويجزم أنها ليست من تأليف عالم يتقي الكذب، ولا من عمل من يحسن الحساب ولا يخطئ فيما لا يخطئ فيه صبي، وقد أبدع في المنطق وألف فيه و ألف في الطب: كتاب الأدوية ومقالة في الشفاء الضد بالضد وشرح فصول بقراط ومقالة في النحل وطوق الحمام.
نقد ابن حزم لإبن النغريلة: إبن النغريلة يهودي، درس التلمود بقرطبة، وأتقن العربية والعبرية وله دراية بالهندسة والمنطق والجدل، وعلم واسع بالشريعة اليهودية يدافع عنها وينتصر لها، كتب إبن حزم رسالة في الرد على ابن النغريلة وكان ابن حزم على معرفة به كما سبق وذكرنا ويصفه بأنه أعلم اليهود وأجدلھم، وكان قد، سأله عن نص من نصوص التوراة، وخطأه في تأويله، وسأله عن معنى الأخت الذي وردفي قول إبراهيم في سارة أنها أخته لما كان في مصر وأخبر فرعون بذلك، واتهمتهبالخلط وأنه لم يأت بشيء مقنع!

الفصل الثالث: تأثر بعض الفلاسفة الغربيين بآراء الفلاسفة المسلمين إما بسبيل الترجمة أو التأليف، ومن ھؤلاء: Gundissalims الذي ألف كتاباً سماه De processione Mund "في وشيك إتيان العالم" أخذ ذلك من ابن سينا  كما تأثر بإبن سينا أيضاً Johnscotu Eringina وھو مسيحي أفلاطوني محدث، وكان لإبن سينا أھمية في جامعة باريس في مادة المنطق، وعلى الرغم منتحريم الكنيسة لمؤلفات ابن رشد، فإن جامعة باريس واكسفورد كانوا يلجؤون لشرحات إبن رشد لمعرفة أرسطو فكانوا يسمون أرسطو The Philosophus و إبن رشد Commentateur
وينظرون إلى ابن رشد كملھم لحركة الفكر ويرى المدرسيون اللاتين أن المؤلفين المسلمين رواد ومرشدون لفھم أرسطو بلا منازع، ولا تؤخذ نصوص أرسطو وحدھا إنما تفھم على ضوء تأويل ابن سينا وابن رشد وتماسك إدراكھما والبرهنة على وجود اﷲ، يذھب إبن رشد أنها تتمعن طريق الطبيعية ورغم معرفة المفكرين المسيحيين بموقف إبن رشد فإنهم تبنوا موقف ابن سينا في مشكلة الميتافزيقا، كما يميز تبعا للفارابي بين الماھية والوجود فقد ذھب الفارابي إلى أصالة الماھية وأن الوجود يعرض لها فمنذ عهد William Auvergne إلى ما بعدهكان لهذا التمييز أثراً بالغاً في الميتافزيقا واللاھوت.

الفصل الرابع: والأخير وضّح الكاتب كيف حظيت الفلسفة الإسلامية باھتمام المفكرين الألمان الذين عنوا بدراستها وقراءة إبن رشد منذ القرن التاسع عشر من بينهم: Anke von kügelgen الذي أشار إلى ما ذھب إليه Renan من أن الفلسفة الإسلامية انتهت بموت ابن رشد لتواصل شأنها لدى المسيحيين واليهود في أروبا.
ومنذ القرن التاسع عشر والاهتمام الألماني في دراسة النصوص ونشرھا لم يتوقف، وبذلك قاموا بعمل مهم في تحقيق ھذه النصوص الفلسفية والكلامية بطريقة علمية موضوعية، التي ميزتهم بالروح الأكاديمية في البحث.
واختتم المؤلف كتابه بالملاحق وھي عبارة عن مقطوفات وتأملات لبعض الفلاسفة الذي تقدم ذكرھم.
{فمََنْ كَانَ يرَْجُو لقَِاءَ رَبِّهِ فلَْيَعمَْلْ عمََلاً صَالحًِا وَلاَ يشُرِْكْ بِعِبَادةَِ رَبِّهِ أَحَدًا}. [الكھف: 110] .

وها هي ذي القطرات الأخيرة، أرجو أن أكون قد وفقت، فقد بذلنا كل الجهد عسى أن ينال القليل من إعجابكم، فإن وفقنا فمن اﷲ عزوجل وإن أخفقنا فمن أنفسنا، وكفانا نحن شرف المحاولة،
وصلّ اللهم وسلم وبارك تسليماً كثيراً على معلمنا الأول وحبيبنا سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.

الطالبة: إيمان المهذي
تحث إشراف الأستاذ: أحمد الفراك
مادة: المكتبة الفلسفية الإسلامية
طالبي، عمار. تأثير الفلسفة الإسلامية في الفلسفة الغربية، مؤسسة كنوز الحكمة، الجزائر، ط1، 1438ه/2017م

إرسال تعليق

اترك تعليقا (0)

أحدث أقدم