أقسام دلالة اللفظ على المعنى: المفهوم و أقسامه.

أقسام دلالة اللفظ على المعنى: المفهوم و أقسامه.

أقسام دلالة اللفظ على المعنى: المفهوم و أقسامه.


كلية الآداب والعلوم الإنسانية.         مسلك: الدراسات الإسلامية

الدكتور: هشام تهتاه.



ثانيا: المفهوم.


تعريف المفهوم:

هو: ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق، وهو قسمان:
  • مفهوم موافقة.
  • ومفهوم مخالفة.



أ. مفهوم الموافقة.

 وهو ما يكون فيه المسكوت عنه موافقا لحكم المنطوق، مع كون ذلك مفهوما من لفظ المنطوق؛ وهو قسمان:

             الأول: فحوى الخطاب.


تعريف فحوى الخطاب:

وهو ما يكون فيه المسكوت عنه أولى بالحكم من المنطوق به.

مثاله:

قوله تعالى في شأن الوالدين: ( فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ)
المنطوق به: تحريم التأفيف.
والمسكوت عنه: النهي عن الإيذاء بالضرب أو الحبس، أو الشتم، أو السخرية، وكلها أقوى في التحريم من مجرد كلمة التضجر (أف).

قوله تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره).
المنطوق به: ترتيب حسن الجزاء على العمل اليسير (ذرة)
والمسكوت عنه: ترتيب حسن الجزاء على ما زاد على القدر المذكور، كمثقال المد والصاع ... إلى الجبل وأكثر، لأنه أولى بالحكم.

             الثاني: لحن الخطاب.


تعريف لحن الخطاب:


وهو ما يكون فيه المسكوت عنه مساويا في الحكم للمنطوق به.

مثاله :

 قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا).
المنطوق به: تحريم أكل أموال اليتامى ظلما.
والمسوت عنه هو: حرمة إحراق أموال اليتيم أو إتلافها أو تبذيرها... وكلها أحكام مساوية للحكم المنطوق به، فهي من قبيل لحن الخطاب.

قول الله تعالى: ( وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ)
 المنطوق به هنا هو: إيجاب الكفارةفي حال القتل الخطأ ..
والمسكوت عنه هو: إيجاب الكفارةأيضا في حال القتل العمد؛ إذ لا معنى للتفريق بين قتل وقتل؛ لأنهما متساويان.. ولأن تقييد القتل ب(الخطأ)في إيجاب الكفارة خرج مخرج الغالب..
(وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطا ومن قتل مومنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا 93



ثانيا مفهوم المخالفة.


تعريف مفهوم المخالفة:

  وهو أن يكون حكم المسكوت عنه مخالفا لحكم المنطوق.  وعرفه أبو حامد الغزالي(ت505هـ) بقوله: "الاستدلال بتخصيص الشيء بالذكر على نفي الحكم عما عداه”.

وقال ابن الحاجب: (ت646هـ) "أن يكون المسكوت عنه مخالفا للمنطوق“.
وعرفه القرافي (ت684هـ) بقوله: "إثبات نقيض حكم المنطوق به للمسكون عنه“.
 ويسمى بأسماء عديدة، منها:

(دليل الخطاب) ويكثر ورود هذا الاسم في مصنفات المالكية. و(التخصيص بالذكر ) وهو غالب اصطلاح الحنفية، ولا يعتبرونه حجة.

أمثلته:

قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الثيب أحق بنفسها من وليها".
المنطوق: أن الثيبأحق بنفسها في أمر النكاح..
 والمفهوم: أن البكروليها أحق منها في أمر النكاح.
وقولك: " أكرم الطالب لحرصه ”
المنطوق: أن الطالب يُعطى لحرصه.
 والمفهوم: غيرالحريص لايُعطى.



حجيته:
الجمهور على القول بحجية مفهوم المخالفة، ومن أدلتهم:

               من السنة:
  استدلال رسول الله به يوم أنزل الله عليه: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ لَايَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)
 حيث قال: "قَدْ خَيَّرَنِي رَبِّي فَلأَزِيدَنهُمْ عَلَى سَبْعِين“.

             من عمل الصحابة:
 فقد  استنبط الصحابةِ أحكامًا من طريق مفهوم المخالفة؛ ففهموا من قوله تعالى ﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ أن القصر لا يكون إلا في حال الخوف، وأنه لا يكون في حالة الأمن.

             من العقل:
لولم القيد المذكور لم ينفِ الحكمَ عن المسكوت عنه لم يكن لذِكره فائدة، ولكان ذلك عبثا، وكلام الشارع ينزه عنه؛ وعليه فالقيود الواردة في النصوص الشرعية من وصف أو شرط أو غاية ... يجب مراعاتها.

             مقتضى اللغة:
 المنقول عن فقهاء اللغة العمل بمفهوم المخالفة، ومنهم الصحابة الكرام والأئمة الكبار  ك: (الشافعي).. لأن تعليق الحكم بالصفة يقتضي نفيه عما عدا الموصوف بها..

             العادة
جرت عادة الناس على العمل به وتحكيم مقتضاه عند النزاع .. 


أدلة الحنفية ومن وافقهم ..


             عدم الاطراد:
 مفهوم المخالفة ليس مطردًا في الأساليب العربية؛ فكثيرا ما ترد العبارة مقيَّدة بقيد، ومع ذلك يتردد السامع في فهم حُكم ما انتفى عنه ذلك القيد؛ وإذا سأل عنه، لم يستنكر المتكلم سؤاله؛

مثال:

لو قال طالب لآخر: ”أعط أحمد الكتاب إذا لقيته غدا صباحا“ فإنه لا يستنكر على السامع إذا استفهمه عما إذا لقيه مساءً، هل يعطيه الكتاب أم لا ؟

             العمل بمفهوم المخالفة يؤدي إلى مناقضة مقاصد الشريعة:


ولهذا لم يُعمَل بمفهوم المخالفة في نصوص شرعية كثيرة؛ 

مثال ذلك:

 قوله تعالى﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ﴾ 
 قوله تعالى﴿ لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً ﴾ 
قوله تعالى﴿ وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا ﴾.
قول رسول الله:“ في أربعين شاة شاة“.  ...

             لو كان مفهوم المخالفة حجة لَمَا أحوجَ ذلك الشارعَ أن ينص على حكم المسكوت عنه في كثير من المواطن:


ومثال ذلك:

قوله تعالى﴿ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ 
وقوله تعالى﴿ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ 
       يتبع...

إرسال تعليق

اترك تعليقا (0)

أحدث أقدم