طريقة تلقي النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام القراءات القرانية

طريقة تلقي النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام القراءات القرانية  


طريقة تلقي النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام القراءات القرانية

طريقة تلقي النبي صلى الله عليه وسلم  القراءات القرانية   

يقول الله تعالى مخبرا عن الرسول والكتاب الذي أوحي اليه: {وانك لتلقى القران من لدن حكيم عليم} (النمل:6) ويقول سبحانه أيضا {وانه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين}. (الشعراء:192-195)




فلقد كان النبي يتلقى القران بأحرفه السبعة, بعد الاذن بواسطة الروح الأمين جبريل, وكان جبريل يلقى النبي في كل رمضان, ليدارسه ما نزل من القران, وطريقتها أن كلا منهما يقرأ على الاخر, كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح.

ويجلي ابن عطية (ت542هـ) هذه القضية بكلام حسن, اذ يقول: فأباح الله تعالى لنبيه هذه الحروف السبعة, وعارضه بها جبريل في عرضاته على الوجه الذي فيه الاعجاز وجودة الوصف ولم تقع الاباحة في قوله : {فاقرأوا ما تيسر منه} بأن يكون كل واحد من الصحابة اذا اراد أن يبدل اللفظة من بعض هذه اللغات جعلها من تلقاء نفسه, ولو كان هذا لذهب اعجاز القران, وكان معرضا أن يبدل هذا وهذا, حتى يكون غير الذي نزل من عند الله, وانما وقعت الاباحة في الحروف السبعة للنبي , ليوسع بها على أمته, فقرأه مرة لأبي بما عارضه جبريل صلوات الله وسلامه عليهما, ومرة لابن مسعود بما عارضه به أيضا, وفي صحيح البخاري عن النبي قال: أقرأني جبريل على حرف, فراجعته, فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى الى سبعة أحرف .  وعلى هذا تجيء قراءة عمر بن الخطاب لسورة الفرقان وقراءة هشام بن حكيم لها, والا فكيف يستقيم أن يقول النبي في قراءة كل واحد منهما وقد اختلفتا (هكذا أقرأني جبريل) هل ذلك الا لأنه أقرأه بهذه مرة وبهذه مرة. اه.



طريقة تلقي الصحابة الكرام القراءات القرانية   

قال تعالى امرا لنبيه بتلاوة الكتاب وتلاوته على الناس {اتل ما أوحي اليك من الكتاب} (العنكبوت: 45) وقوله تعالى: {كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلوا عليهم الذي أوحينا اليك} (الرعد:30) فكان النبي يمتثل أمر ربه, فيتلوا عليهم القران, ويقرئ الصحابة من القراءات , ويؤكد ذلك ما ثبت في رواية أخرى لحديث أبي بن كعب السابق لفظ (تقرء) بضم التاء وهي: عن أبي بن كعب قال: أتى جبريل النبي , وهو عند أضاة بني غفار, فقال: ان الله تبارك وتعالى يأمرك أن تقرئ أمتك القران على سبعة أحرف, فمن قرأ منها حرفا فهو كما قرأ.

فقول جبريل (تقرئ) نص صريح في كون أن النبي قد أقرأالصحابة القراءات جميعها, وهذا أيضا يدحض قول من يقول: ان بعض القراءات المروية عن بعض السلف كانت بمجرد الرأي والقراءت بالمعنى. ولو لم يقرئها –بضم الياء- النبي لأصحابه, وقد تصدى العلماء قديما وحديثا لرد هذه الفرية, وكشف هذا الزيف.

بقيت مسألة وهي: هل كان الصحابي يقرأ على النبي وسلم؟ أم أن القراءة تلقيت من فيه والصحابي يسمع؟ أم أن كليهما كان يعارض الاخر كحاله مع جبريل؟

نص علماء القراءة على الثاني: وهو الأخذ من في النبي , وذكروا أدلة تؤيد ذلك, منها ما رواه ابن مجاهد (ت324هـ) بسنده الى عاصم بن بهدلة أنه قال: { قلت للطفيل بن أبي بن كعب: الى أي معنى ذهب أبوك في قول رسول الله له: أمرت أن أقرأ القران عليك, فقال: ليقرأ علي فأحذو ألفاظه, وقال أيضا محمد بن اسحاق الصنعاني عن أبي عبيد القاسم بن سلام قال: معنى هذا الحديث, أن يتعلم أبي قراءة رسول الله لا أن رسول الله يتعلم قراءة أبي رضي الله تعالى عنه}.


ولعلم الدين السخاوي (ت643هـ) كلام حسن في هذا المقام, حيث قال: { وقرأ أبي على رسول الله قال أبو طاهر عبد الواحد: وقرأ على أبي أيضا.

فان كان أراد أن رسول الله قرأ على أبي كما تقول: قرأ ابن عباس على أبي, فذلك غلط عظيم وخطأ في دين الله عز وجل, انما كان المعلم في ذاك الوقت يقرأ على المتعلم ليأخذ عنه قراءته, فأمره الله أن يقرأ على أبي ليأخذ عن القراءة عناية من الله بأبي, ألا ترى أن النبي وسلم لما قال لعبد الله بن مسعود (اقرأ علي) قال: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ فقال : (اني أريد أن أسمعه من غيري) فأعظم عبد الله قول النبي : (اقرأ علي), لما ألفه المعلم من قراءة المعلم على المتعلم. اه

ودليل ذلك أيضا ما ثبت عن عبد الله بن مسعود قوله: { والله لقد أخذت من في رسول الله بضعا وسبعين سورة }.

والظاهر بعد هذا: أن أحرف القراءات كانت تؤخذ ابتداء من رسول الله سماعا وتلقيا, ثم لما ثبتت الأحرف واستقرت كانت تؤخذ قراءة عليه, ويقرأ عليهم أحيانا, كما كانت حاله مع جبريل عليه السلام, في المعارضة, والروايات السابقة تؤكد الطريقتين معا.

والله أعلم.

2 تعليقات

إرسال تعليق

اترك تعليقا

أحدث أقدم