القضاء وما يتعلق به: تعريف القضاء لغة واصطلاحا، معناه، حكمه، حكمته

القضاء وما يتعلق به:

تعريف القضاء لغة واصطلاحا، معناه، حكمه، حكمته  

القضاء وما يتعلق به:  تعريف القضاء لغة واصطلاحا، معناه، حكمه، حكمته


تعريف القضاء لغة واصطلاحا:

جاء في كتاب التوضيح في شرح قول ابن الحاجب في القضاء وهو فرض كفاية، ما نصه: قال الأزهري: القضاء في اللغة على وجوه مرجعها إلى انقضاء الشيء وتمامه. وقال الجوهري القضاء: الحكم وعلم القضاء وإن كان أحد أنواع علم الفقه إلا إنه يتميز بأمور زائدة لا يحسنها كل الفقهاء. وقد يحسنه من لا باع له في الفقه وهو كالتصريف من علم اللغة العربية فإنه ليس كل النحاة يعلم التصريف، وقد يحسنه من لا باع له في النحو، وإنما كان فرضا لأنه لمّا كان الإنسان لا يستقل بأمور دنياه إذ لا يمكن أن يكون حرّاثا طحّانا جزارا إلى غير ذلك من الصنائع المفتقر إليها احتاج إلى غيره ثم بالضرورة قد يحصل بينهما التشاجر والتخاصم لاختلاف الأغراض فاحتيج إلى من يفصل تلك الخصومة ويمنع بعضهم من غرضه. ولهذا وجب إقامة الخليفة، لكن نظر الخليفة أعم إذ أحد ما ينظر فيه القضاء. ولما كان هذا الغرض يحصل بواحد أو جماعة كان ذلك فرض كفاية، لأن ذلك شأن فرض الكفاية اهـ
وقال ابن عرفة: القضاء صفة حكمية توجب لموصوفها نفوذ حكمه الشرعي ولو بتعديل أو تجريح لا في عموم مصالح المسلمين. والنفوذ بالذال المعجمة: الإمضاء، وهو المراد هنا. وأما بالدال المهملة، فمعناه: الفراغ والتمام. ومعنى: نفوذ حكمه ... إلخ نخرج به من ليس من تلك الصفات فإنه لا ينفذ حكمه، وإنما تثبت الصفة الحكمية للموصوف بعد ثبوت تقديمه للحكم. فتقديمه للحكم والفصل إذا كان أهلا هو الموجب لحصول الصفة الحكمية، والمراد بالحكم الشرعي هنا هو: إلزام القاضي الخصمَ أمرا شرعيا والإضافة تعينه لقول حكمه الشرعي. ونخرج به غير الحكم الشرعي، وليس المراد به خطاب الله تعالى. وقوله ولو بتعديل أو تجريح، هو معطوف على مقدر، أي: بكل شيء حكم به، ولو بتجريح أو تعديل، ليصير التعديل والتجريح من متعلق الحكم وهو كذلك. وخرج بقول: كل شيء حكم به: الذي قلنا إنه مقدر قبل قوله ولو بتعديل الثبوت والتأجيلات ونحوهما، إذ ليست بحكم. وقوله: لا في عموم مصالح المسلمين، أخرج به الإمامة الكبرى، لأن نظره أوسع من نظر القاضي، لأنه، أي: القاضي، ليس له قسمة الغنائم، ولا تفريق مال بيت المال ولا ترتيب الجيوش ولا قتال البغاة ولا الاقطاعات والضرائب، وفي إقامة الحدود خلاف.

فائدة من سلسلة فوائد في القضاء:

قال القرافي: القاضي من حيث هو قاض إنما له إلزام الحكم أما نفوذه فلا، لتعذر ذلك عليه كالحكم على الملوك والجبابرة. فإلزام الحكم موجود والقدرة على التنفيذ لا وجود لها في حق العاجز.

وعلى هذا فمعنى قوله في تعريف القضاء: نفوذ حكمه، أي: إلزام نفوذ كل ما ذكرناه. والمعنى هذه الصفة من شأنها ذلك.
وفي تبصرة ابن فرحون ناقلا عن القرافي: الحاكم من حيث هو حاكم، ليس له إلا الإنشاء، وأما قدرة التنفيذ فأمر زائد على كونه حاكما، فقد يفوض له التنفيذ وقد لا يندرج ضمن ولايته.
جاء في نظم القاضي ابن عاصم:
منفذ بالشرع للأحكام ... له نيابة عن الإمام

يعني أن القاضي هو المنفذ للأحكام بمقتضى الشرع وموافقته وأن له نيابة عن الإمام في ذلك. فمنفذ خبر مبتدأ محذوف، أي: القاضي منفذ وللأحكام يتعلق بمنفذ وكذا بالشرع، وله نيابة خبر ومبتدأ سوع الابتداء به العمل في عن الإمام.
قال ابن فرحون في كتابه التبصرة: حقيقة القضاء الإخبار عن حكم شرعي على سبيل الإلزام. ومعنى قولهم قضى القاضي، أي: ألزم أهله والدليل على ذلك قوله تبارك وتعالى: {فلما قضينا عليه الموتَ} ألزمناه وحتمنا به عليه. وفي كتاب المدخل لابن طلحة الأندلسي، القضاة: معناه الدخول بين الخلق والخالق ليؤدي فيهم أحكامه وأوامره بواسطة الكتاب والسنة. 

قال القرافي: حقيقة الحكم إنشاء إلزام أو إطلاق:

·      الحكم بالإلزام: كحكمه بالنفقة والشفعة والصداق ونحوها.
·      الحكم بالإطلاق: فكما إذا حكم بزوال الملك عن أرض، زال الإحياء عنها وأن تبقى مباحة لكل أحد وحكم بزوال ملك الصائد عن صيد ندّ منه وحازه ثان.

حكم القضاء

حكم القضاء أنه فرض كفاية ولا خلاف بين الأئمة على أن القيام بالقضاء واجب، ولا يتعين على أحد إلا أن لا يوجد منه عوض وقد اجتمعت فيه شروط القضاء فيجبر عليه.
قيل أيجبر بالضرب والسجن؟ قال: نعم.

حكمة القضاء:

حكمة القضاء رفع التشاجر ورد الثوابت وقمع الظالم ونصر المظلوم وقطع الخصومات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قاله ابن رشد وغيره.

وقد اشتمل هذا الموضوع على: تعريف القضاء ومعناه وحكمه وحكمته.


قال في التبصرة: واعلم أن أكثر المؤلفين بالغوا في التحذير من الدخول في ولاية القضاء حتى تقرر في ذهن كثير من الفقهاء والصلحاء أن من ولي القضاء فقد سهل عليه دينه، وألقى بيده إلى التهلكة وهذا غلط فاحش تجب التوبة منه. والواجب تعظيم هذا المنصب الشريف ومعرفة مكانته من الدين. فبه بعثت الرسل، وبالقيام به قامت السماوات والأرض، وجعله النبي صلى الله عليه وسلم من النعم التي يباح الحسد عليها. فقد جاء من حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم {لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعمل بها}. وفي الحديث: {سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظلّ إلّا ظله.. إمام عادل...} 

إرسال تعليق

اترك تعليقا (0)

أحدث أقدم