حروف الجر: معاني حروف الجر

حروف الجر: معاني حروف الجر

حروف الجر: معاني حروف الجر

حروف الجر

حروفُ الجرِّ عشرون حرفاً، وهي:
 الباء - مِن - إلى - عن - على - في - الكافُ - اللاَّمُ - واوُ القَسَمِ - تاء القسم - مُذْ - مُنذُ - رُبَّ - حتى - خَلا - عدَا - حاشا - كي - متى في لُغَةِ هُذَيل - لَعَلَّ في لغة عُقَيل

اختصاص حروف الجر:


حروف الجر منها ما يختصّ بالدخولِ على الاسمِ الظاهر، وهو "رُبَّ ومُذْ ومُنذُ وحتى والكافُ وواوُ القسمِ وتاؤهُ ومتى".
ومنها ما يدخلُ على الظاهر والمضمَر، وهي البواقي.
واعلم أنَّ من حروفِ الجرِّ ما لفظُهُ مُشترَكٌ بينَ الحرفيّةِ والاسميّة، وهو خمسةٌ "الكافُ وعن وعلى ومُذْ ومُنذُ". ومنها ما لفظُهُ مُشتركٌ بينَ الحرفيّة والفعليّةِ، وهو "خلا وعدا وحاشا". ومنها ما هو ملازم للحرفيّة، وهو ما بقي. وسيأتي بَيانُ ذلك في مواضعهِ.
لماذا سميت حروف الجر بهذا الاسم؟
سُمّيت حروف الجرّ، لأنها تَجرُّ معنى الفعل قبلَها إلى الاسم بعدَها، أو لأنها تجرُّ ما بعدَها من الأسماءِ، أي تَخفِضُه. وتسمّى "حروفَ الخفض"أيضاً، لذلك. وتُسمّى أيضاً "حروف الإضافة"، لأنها تُضيفُ معانيَ الأفعال قبلها إلى الأسماء بعدها. وذلك أنَّ من الأفعال ما لا يَقوَى على الوصول إلى المفعول به، فَقوَّوه بهذه الحروف، نحو "عجبتُ من خالدٍ، ومررتُ بسعيدٍ". ولو قلتَ "عجبتُ خالداً. ومررتُ سعيداً"، لم يجُز، لضعف الفعل اللازم وقُصورهِ عن الوصول إلى المفعول به، إلا أن يَستعينَ بحروف الإضافة.

معاني حروف الجر:

شرْحُ حُرُوفِ الجَرِّ:

  • الباءُ:

معاني حرف الباء:
الباءُ لها ثلاثةَ عشرَ معنًى:

1- الإلصاقُ:
تعريف باء الالصاق:
الالصاق هو المعنى الأصليُّ لها. وهذا المعنى لا يُفارقُها في جميع معانيها. ولهذا اقتصرَ عليه سِيبويهِ، وتسمى باء الالصاق.
أنواع الالصاق:
- الصاق حقيقي
- الصاق مجازي
أ- الإلصاقُ الحقيقيّ: نحو "أمسكتُ بيدِكَ. ومسحتُ رأسي بيدي".
ب- الالصاق المجازي: نحو "مررتُ بدارِكَ، أو بكَ"، أي بمكانٍ يَقرُبُ منها أو منكَ.
2- الاستعانةُ:
تعريف باء الاستعانة:
باء الاستعانة هي الباء الداخلةُ على المستعانِ به -أي الواسطة التي بها حصلَ الفعلُ- نحو "كتبتُ بالقلم. وبَرَيتُ القلمَ بالسكينِ". ونحو "بدأتُ عملي باسمِ الله، فنجحتُ بتوفيقهِ"، وتسمى باء الاستعانة.
3- السّببيةُ والتَّعليلُ:
تعريف باء السببية والتعليل:
باء السببية والتعليل هي الباء الداخلةُ على سبب الفعل وعِلَّتهِ التي من أجلها حصلَ، نحو "ماتَ بالجوعِ"، ونحو "عُرِفنا بفلانِ". ومنه قولهُ تعالى: {فَكُلاُّ أخَذْنا بذنبه} ، وقولهُ: {فبِما نقضِهم ميثاقَهمْ لَعنّاهم} .
4- التّعديةُ:
تعريف باء التعدية
باء التعدية وتُسمّى باءَ النّقلِ، فهي كالهمزةِ في تصييرها الفعلَ اللازمَ مُتعدِّياً، فيصيرُ بذلك الفاعلُ مفعولاً، كقوله تعالى: {ذهبَ الله بِنُورهم}، أي أذهبهُ، وقولهُ : {وآتيناهُ من الكُنوزِ ما إنَّ مَفاتِحَهُ لتَنُوءُ بالعُصبة أُولي القوّة}، أي لَتُنيءُ العُصبةَ وتُثقلُها. وهذا كما تقول "ناءَ به الحملُ، بمعنى أثقلهُ". ومن باءِ التّعدية قولهُ تعالى : {سُبحانَ الذي أسرَى بعبدهِ ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى}. أي سيّرهُ ليلاً.
5- القسم:
تعريف باء القسم:
هي أصلُ أحرُفهِ. ويجوز ذكرُ فعلِ القسمِ معها؛ نحو "أُقسم بالله". ويجوزُ حذفُهُ، نحو"باللهِ لأجتهدَنَّ". وتدخلُ على الظاهرِ، كما رأيتَ، وعلى المُضَمرِ، نحو "بكَ لأفعلنَّ"، وتسمى باء القسم.
6- العَوَضُ:
تعريف باء العوض:
باء العوض وتسمى باءَ المقابلةِ أيضاً، وهي التي تَدُلُّ على تعويض شيءٍ من شيءٍ في مُقابلةِ شيءٍ آخرَ، نحو "بِعتُكَ هذا بهذا. وخُذِ الدارَ بالفرسِ".
7- البدَلُ:
تعريف باء البدل:
باء البدل هي التي تدلَّ على اختيار أحدِ الشيئينِ على الآخرِ، بلا عِوَضٍ ولا مقابلةٍ، كحديث "ما يَسُرُّني بها حُمْرُ النّعَم"، وقولِ بعضهم "ما يَسُرُّني أني شَهِدتُ بَدْراً بالعقبة" أي بَدَلها، وقول الشاعر: (من البسيط)
فَلَيْتَ لِي بِهِمِ قَوْماً إذا رَكِبُوا
شَنُّوا الإِغارةَ فُرْساناً ورُكْبانا
8- الظرفيّةُ:
تعريف باء الظرفية:
باء الظرفية أي الباء التي تكون بمعنى (في) - كقوله تعالى : {لَقَد نَصرَكمُ اللهُ بِبَدْرٍ. وما كنتَ بجانبِ الغربي. نجّيناهم بِسَحر. وإنَّكم لَتَمُرون عليهم مصبِحينَ وباللّيلِ}.
9- المصاحبةُ:
تعريف باء المصاحبة:
باء المصاحبة أي الباء التي تكون بمعنى "معَ"، نحو: "بعتُكَ الفَرَسَ بسرجهِ ، والدارَ بأثاثها"، ومنه قولهُ تعالى : ﴿إهبِطْ بسلام﴾
10- باء"مِن" التَّبعيضيّةِ:
كقولهِ تعالى : ﴿عَيناً يشربُ بها عبادُ اللهِ﴾، أي منها.
11- باء معنى "عن":
كقولهِ تعالى: {فاسأل به خبيراً}، أي عنهُ، وقولهِ: {سأل سائلٌ بعذابٍ واقعٍ}، وقوله: {يَسعى نورُهم بينَ أيديهم وبأيمانِهم}.
12- الاستعلاءُ:
تعريف باء الاستعلاء:
باء الاستعلاء أي الباء التي تجيء بمعنى "على" كقوله تعالى: ﴿ومن أهلِ الكتابِ مَن إن تَأمَنهُ بِقِنطارٍ يُؤدَّهِ إليكَ﴾ ، إي على قنطار، وقولِ الشاعر: (من الطويل)
أَرَبٌّ يَبُولُ الثُّعلُبانُ بِرَأْسِهِ
لَقَدْ ذلَّ مَنْ بالتْ عَلَيْهِ الثَّعالِبُ
13- التأكيدُ:
تعريف باء التوكيد:
باء التوكيد هي الباء الزائدةُ لفظاً، أي في الإعراب، نحو "بِحَسبِكَ ما فعلتَ"، أي حَسبُك ما فعلتَ. ومنهُ قوله تعالى: {وكفى باللهِ شهيداً} ، وقولهُ: {أَلم يعلم بأنَّ اللهَ يرى}، وقولهُ: {ولا تُلقوا بأيديكم إلى التّهلُكة}، وقولهُ: {أَليس الله بأحكمِ الحاكمين﴾

  • مِنْ:
معاني مِن:
مِنْ لها ثمانيةُ مَعانٍ:
1- الابتداءُ:
تعريف مِن الابتدائية:
"من" الابتدائية هي التي تفيد ابتداء الغايةِ المكانيّةِ أو الزمانيّةِ.
أ- من المكانية: نحو قوله سبحانه وتعالى: {سبحانَ الذي أسرى بعبدهِ ليلاً من المسجد الحرامِ إلى المسجد الأقصى}.
ب- من الزمانية: نحو قوله تعالى: {لَمَسجدٌ أُسسَ على التّقوى من أوَّلِ يوم أَحَقُّ أَن تقومَ فيهِ}.
وتَرِدُ "مِن" أَيضاً لابتداء الغاية في الأحداث والأشخاص.
- "من" التي تفيد ابتداء الغاية في الاحداث: كقولك "عَجبتُ من إقدامك على هذا العمل".
- "من" التي تفيد ابتداء الغاية في الاشخاص: كقولك "رأيتُ من زهير ما أُحبُّ".
2- التّبعيضُ:
تعريف "من" التبعيضية:
من التبعيضية هي التي تاتي بمعنى "بعض"، كقولهِ تعالى: {لن تنالوا البرَّ حتى تُنفقوا ممّا تُحبُّونَ} أي بعضَهُ، وقولهِ"منهم من كلّمَ اللهَ"، أَب بعضُهم. وعلامتُها أَن يَخلُفَها لَفظُ "بعضٍ".
3- البيانُ:
تعريف"مِن" البيانية:
"مِن" البيانية هي "مِن" التي تجيء لبيان الجنس، كقوله تعالى: {واجتنبوا الرجسَ من الأوثانِ}. وقولهِ سبحانه: {يُحَلَّونَ فيها من أَساورَ من ذهبٍ} .
وعلامتُها أَن يصحَّ الإخبارُ بما بعدَها عمّا قبلها، فتقول الرجس هي الأوثانُ، والأساورُ هي ذهب.
واعلم أَن "من" البيانيّةَ ومجرورَها في موضعِ الحال مما قبلَها، إن كان معرفةً، كالآية الأولى، وفي موضع النّعتِ له إن كان نكرة، كالآية الثانية. وكثيراً ما تَقَعُ "من البيانيّةُ" هذهِ بعد "ما ومهما"، كقوله تعالى: {ما يَفتَحِ اللهُ للناسِ من رحمةٍ فلا مُمسِكَ لها}، وقولهِ: {ما ننْسَخْ من آيةٍ} ، وقولهِ : {مهما تأتِنا به من آية}.
4- التأكيدُ:
تعريف "مِن" التأكيدية
"مِن" التأكيدية هي"مِن" الزائدة لفظاً، أي في الإعراب، كقوله تعالى: {ما جاءنا من بشيرٍ}، وقوله: {هل تحس منهم من أحد} وقوله: {هل من خالق غير الله} فاطر: 3 .
5- البدل:
تعريف"مِن" البدلية:
"مِن" البدلية كقوله تعالى: {أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة} أي بدلها وقولهِ: {لجعَلَ منكم ملائكةً في الأرضِ يَخلُفون} أي "بَدَلكم"، وقولهِ:{لن تُغنيَ عنهم أموالُهم ولا أولادُهم من الله شيئاً}، أي بَدَلَ الله، والمعنى بَدَلَ طاعتهِ أو رحمتهِ. وقد تقدَّم معنى البدل في الكلام على الباءِ.
6- الظَّرفيّة:
تعريف"مِن" الظرفية:
"مِن" الظرفية هي التي تكون بمعنى (في)، كقوله سبحانهُ: {ماذا خَلقوا من الأرض}، أي فيها، وقولهِ: {إذا نُوديَ للصّلاة من يومِ الجمعة}، أي في يومها.
7- السّببيّةُ والتّعليلُ:
تعريف "مِن" السببية التعليلية:
"مِن" السببية التعليلية كقوله تعالى: {مِمّل خطيئاتِهم أُغرِقوا}، قال الشاعر (من البسيط)
يُغْضِي حَياءً، وَبُغْضَى مِنْ مَهابَتهِ
فَما يُكَلَّمَ إِلاَّ حِينَ يَبْتَسِم
8- معنى "عن":
"مِن" بمعنى "عن"كقولهِ تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ الله} الزمر:22، وقولهِ: {يا ويلنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هذا} الأنبياء:97 .

  • الى:
معاني "إلى":
"إلى" لها ثلاثة معانٍ :
1- الانتهاءُ:
تعريف "إلى" الانتهائية:
"إلى" الانتهائية هي"إلى" التي تفيد معنى انتهاء الغايةِ الزمانيّة أو المكانيّة.
"إلى" التي تفيد انتهاء الغاية الزمانية: كقولهِ تعالى : {ثُمَّ أَتِمُّوا الصيامَ إلى الليل}.
"إلى" التي تفيد انتهاء الغاية المكانية: كقولهِ : {من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى} .
وترِدُ أيضاً لانتهاء الغاية في الأشخاص والأحداث.
"إلى" التي تفيد انتهاء الغاية في الأشخاص: نحو: "جئتُ إليك".
 "إلى" التي تفيد انتهاء الغاية في الاحداث:  نحو: "صِلْ بالتّقوى إلى رضا الله".
 ومعنى كونها للانتهاءِ أنها تكونُ منتهًى لابتداء الغاية.
أمّا ما بعدَها فجائزٌ أن يكون داخلاً جُزءٌ منه أو كلُّهُ فيما قبلَها، وجائزٌ أن يكونَ غيرَ داخل. فإذا قلتَ "سرتُ من بيروتَ إلى دمَشقَ"، فجائزٌ أن تكون قد دخلتَها، وجائزٌ أنك لم تدخلها، لأنَّ النهايةَ تشملُ أولَ الحدّ وآخرَهُ. وإنما تمتنعُ مجاوزتُهُ. ومن دخول ما بعدَها فيما قبلَها قولهُ تعالى : {إذا قُمتُم إلى الصَّلاة فاغسِلوا وُجوهكُم وأيديَكُم إلى المَرافِق}.
فالمَرافق داخلةٌ في مفهوم الغسل. ومن عدم دُخولهِ قولهُ عَزَّ وجلَّ: {ثمَّ أَتِمُّوا الصيامَ إلى الليل}. فالجزءُ من الليل غيرُ داخلٍ في مفهوم الصيام. وقالت الشيعةُ الجعفريةُ إنه داخل. والآية -بظاهرها- مُحتملة للأمرينِ.
فإن كان هناك قرينةٌ تدلُّ على دخول ما بعدَها فيما قبلَها، دخل، أو على عدم دخوله لم يدخل. فإن لم تكن قرينةٌ تدلُّ على دخوله أو خورجهِ، فإن كان من جنس ما قبلها جاز أن يدخل وأن لا يدخل، نحو "سرتُ في النهار إلى العصر" وإلا فالكثير الغالبُ أنه لا يدخل. نحو "سرتُ في النهار إلى الليل". وقال قوم يدخل مطلقاً، سواءٌ أكان من الجنس أم لا. وقال قومٌ لا يدخل مطلقاً.
2- المصاحبةُ:
تعريف"إلى" المصاحبة:
"إلى" المصاحبة هي التي تكون بمعنى "معَ" كقوله تعالى : {قال مَن أنصاري إلى الله؟} أي معهُ، وقولهُ: {ولا تأكلوا أموالَهم إلى أموالكم}، ومنهُ قولهم "الذَّوْدُ إلى الذَّوْدِ إبلٌ"، وتقولُ : "فلانٌ حليمٌ إلى أدبٍ وعلمٍ".
3- "إلى" بمعنى "عند" وتُسَمّى المُبَيّنَة:
تعريف "إلى" المبينة:
تسمى "إلى" المبينة لأنها تُبينُ أن مصحوبها فاعلٌ لما قبلها. وهي التي تقعُ بعدَ ما يفيدُ حُباً أو بُغضاً من فعل تعجّبٍ أو اسمِ تفضيلٍ، كقوله تعالى : ﴿ قال رب السّجنُ أحَب إليَّ مِمّا يدعونني إليه﴾ يوسف: 33 ، أي أحبُّ عندي. فالمُتكلم هو المُحِبُّ. وقولِ الشاعر ( من الكامل )
أَمْ لا سَبيلَ إلى الشَّباب، وذِكْرُهُ
أَشهى إِلَيَّ مِنَ الرَّحيقِ السَّلْسَلِ

  • حَتَّى:
حتى للانتهاء كإلى: كقوله تعالى: {سلامٌ هيَ حتى مَطلَعِ الفجر}. وقد يدخلُ ما بعدَها فيما قبلها، نحو "بَذَلتُ ما لي في سبيل أُمَّتي، حتى آخر دِرهمٍ عندي". وقد يكون غيرَ داخلٍ، كقوله تعالى: {كلوا واشربوا حتى يَتبيّن لكمُ الخيطُ الأبيضُ من الخيط الأسود من الفجر}، فالصائم لا يُباحُ له الأكلُ متى بدا الفجر.
ويَزعُمُ بعضُ النحاةِ أنّ ما بعدَ "حتى" داخلٌ فيما قبلها على كل حال. ويَزعُمُ بعضهم أنه ليس بداخلٍ على كل حال. والحقُّ أنه يدخلُ، إن كان جزءًا مما قبلها، نحو "سِرتُ هذا النهارَ حتى العصرِ"، ومنه قولهم "أكلتُ السمكة حتى رأسِها". وإن لم يكن جزءًا ممّا قبلها لم يدخلْ، نحو "قرأتُ الليلةَ حتى الصَّباحِ" ومنه قولهُ تعالى: {سلامٌ هيَ حتى مَطلَعِ الفجر}.
واعلم أن هذا الخلافَ إنما هو في "حتى" الخافضة. وأما "حتى"العاطفة، فلا خلاف في أن ما بعدَها يجبُ أن يدخلَ في حكم ما قبلها.
الفرق بين "إلى" و"حتى":
الفرق بينَ إلى وحتى أنَّ "إلى" تجرُّ ما كان اخراً لِما قبله، أو مُتّصلا بآخره، وما لم يكن آخراً ولا متصلاً به.
- ما كان اخراً لِما قبله: نحو: "سرتُ ليلةَ أمسِ إلى آخرها".
- ما كان مُتّصلا بآخره: نحو: "سهرتُ اليلةَ إلى الفجر".
- ما لم يكن آخراً ولا متصلاً به: نحو: "سرتُ النهارَ إلى العصر".
ولا تجرُّ "حتى" إلا ما كان آخراً لِما قبلها، أو متّصلاً بآخره:
ما كان آخراً لِما قبلها: نحو: "سرتُ ليلةَ امسِ حتى آخرِها".
ما كان متّصلاً بآخره: كقوله تعالى: {سلامٌ هيَ حتى مَطلَعِ الفجر}.
ولا تجرُّ، ما لم يكن آخراً ولا متصلاً به، فلا يقال : "سرتُ الليلةَ حتى نصفها".
وقد تكونُ "حتى" للتَّعليل بمعنى اللام، نحو: {إتَّقِ اللهَ حتى تفوزَ برضاهُ}، أي لتفوز.

  • عَنْ:
معاني "عن":
"عن" لها ستة معانٍ:
1- المجاوزةُ والبُعدُ:
وهذا أصلُها، نحو "سرتُ عن البلدِ. رَغِبتُ عن الأمر. رَمَيت السهمَ عن القوس".
2- معنى "بَعد":
نحو عن قريبٍ أزُورُكَ"، قال تعالى: {عمّا قليلٍ لَتُصبحُنَّ نادمين}، وقال: {لَتركبُنَّ طَبَقاً عن طبَقٍ}، أي حالاً بعدَ حالٍ.
3- معنى "على":
كقولهِ تعالى: "ومَن يَبخَلْ فإنما بَبخَلُ عن نفسه"،أي عليها، ومنه قول الشاعر ( من البسيط)
لاَهِ ابنُ عَمِّكَ! لاَ أُفْضِلْتَ في حَسَبٍ
عَنِّي وَلا أَنتَ دَيَّاني فَتَخُزُوني
4- التَّعليلُ:
كقولهِ سبحانه: {وما نحنُ بتاركي آلهتِنا عن قولك}، أي من أجل قولك ، وقولهِ: {وما كان استغفارُ إبراهيمَ لأبيهِ إلا عن مَوعِدةٍ وعَدَها إيّاهُ}.
5- معنى "مِن":
كقوله سبحانه: {وَهُوَ الذي يَقْبَلُ التوبة عَنْ عِبَادِهِ} الشورى: 25، وقولهِ: {أولئك الذين نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ} الأحقاف:16، أَي: منهم.
6- معنى البَدَل:
كقولهِ تعالى: {واتَّقوا يوماً لا تجزي نَفسٌ عن نَفسٍ شيئاً}، أَي بَدل نفس، وكحديثِ "صومي عن أُمك"، وتقولُ "قُمْ عني بهذا الأمر"، أَي بَدَلي.
واعلم أنَّ "عن" قد تكونُ اسماً بمعنى "جانِبٍ"، وذلك إذا سُبقت بِمن، كقول الشاعر (من الكامل)
فَلَقَدْ أَراني لِلرِّماحِ دَريئَةً
مِنْ عَنْ يَميني تارَةً وِشمالي
وقول الآخر: (من الطويل)
وَقُلْتُ اجعَلي ضَوْءَ الفَراقِدِ كُلِّها
يَميناً. وَمَهْوى النَّجْمِ مِنْ عَنْ شِمالِكِ

  • عَلَى:
معاني على:
"على" لها ثمانيةُ مَعانٍ:
1- الاستعلاءُ:
حقيقةً كان، كقولهِ تعالى : {وعليها وعلى الفُلكِ تُحمَلونَ} ، أو مجازاً، كقولهِ : {وفَضّلناهم بعضَهم على بعض} ، ونحو "لفلانٍ عليَّ دَينٌ". والاستعلاءُ أصلُ معناها.
2- معنى "في":
كقوله تعالى : ﴿ ودخلَ المدينةَ على حين غَفلةٍ من أهلها﴾ القصص: 15 أي في حين غفلة.
3- معنى "عن":
كقول الشاعر: (من الوافر)
إذا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ
لَعَمْرُ اللهِ أَعْجَبَني رِضَاها أي إذا رضِيت عني.
4- معنى اللام:
التي للتعليل، كقوله تعالى: {ولتُكَبّروا اللهَ على ما هداكم} ، أي "لهِدايتهِ إيّاكم"، وقولِ الشاعر: (من الطويل)
عَلامَ تَقولُ الرُّمْحُ يُثْقِلُ عاتِقي
إِذا أَنا لَمْ أَطعنْ إذا الخَيْلُ كَرَّتِ
أي لِمَ تقول؟
5- معنى "مَعَ":
كقولهِ تعالى: {وآتَى المالض على حُبّهِ} ، أي معَ حُبهِ ، وقولهِ: {وإنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغفرةٍ للناسِ على ظُلمهم}، مع ظُلمهم.
6- معنى "من":
كقولهِ سبحانَهُ: {إذا اكتالوا على الناسِ يَستَوفونَ} أي اكتالوا منهم.
7- معنى الباءِ:
كقولهِ تعالى : {حَقيقٌ عليَّ أن لا أقولَ إلاّ الحق} ، أي حقيقٌ بي، ونحو "رمَيتُ على القوس"، أي رميتُ مستعيناً بها، ونحو "اركبْ على اسمِ الله" .
8- الاستدراكُ:
كقولكَ : "فلانٌ لا يدخلُ الجنةَ لِسوءِ صنيعهِ، على أنهُ لا يَيأسُ من رحمة اللهِ"، أي لكنَّهُ لا ييأسُ. ومنه قولُ الشاعر (من الطويل)
بِكُلِّ تَداوَينا فَلَمْ يَشْفِ ما بِنا
عَلى أَنَّ قُرْبَ الدَّارِ خَيْرٌ مِنَ الْبُعْدِ

عَلى أَنَّ قُرْبَ الدَّارِ لَيْسَ بِنافعٍ
إِذا كانَ مَنْ تَهْواهُ لَيْسَ بِذي وُدِّ
وقولُ الآخر: (من الطويل)
فَوَاللهِ لا أَنسى قَتيلاً رُزِئتُهُ
بِجانِبِ قَوْسى ما بَقيتُ عَلى الأَرضِ

عَلى أنَّها تَعْفو الْكُلومُ، وإِنَّما
نُوَكَّلُ بالأَدنى، وَإِنْ جَلَّ ما يَمْضِي
وإذا كانت للاستدراك، كانت كحرف الجر الشبيهِ بالزائد، غيرَ متعلقة بشيءٍ، على ما جنحَ إليه بعضُ المحقّقينَ.
واعلم أنَّ "على" قد تكونُ اسماً للاستعلاء بمعنى"فَوْق"، وذلك إذا سُبِقتْ بِمِنْ، كقوله: 
غَدَتْ مِنْ عَلَيْهِ
بَعْدَ ما تَمَّ ظِمْؤُها
أي من فوقه، وتقولُ "سقطَ من على الجبل".

  • في:
معاني في:
في لها سبعةُ مَعانٍ :
1- الظرفيّةُ:
حقيقيّةً كانت، نحو "الماءُ في الكوز. سرتُ في النّهار". وقد اجتمعت الظرفيّتانِ الزمانيّة والمكانيّةُ في قولهِ تعالى : {غُلبتِ الرُّومُ في أَدنى الأرض. وهم مِن بَعْدِ غَلَبِهمَ سَيَغلِبونَ في بِضعِ سنينَ} ، أَو مجازيَّةً، كقوله سبحانه : {ولَكُم في رسول اللهِ أُسوةٌ حسنةٌ}، وقولهِ : {ولَكُم في القصاصِ حياةٌ} .
2- السببيّة والتّعليلُ:
كقولهِ تعالى: {لَمَسّكم فيما أَفضتُم فيه عذابٌ عظيم} أي بسبب ما أَفضتم فيه. ومنه الحديثُ "دخلتِ امرأَةٌ النارَ في هِرَّةٍ حَبَستها"أي بسبب هِرَّةٍ.
3- معنى "معَ":
كقولهِ تعالى : {قال ادخلوا في أمَمٍ قد خَلَت من قبلكم} أي مَعَهم.
4- الاستعلاءُ بمعنى "عَلى":
كقولهِ تعالى : {لأصلبنّكُم في جُذوعِ النّخلِ} ، أي عليها.
5- المُقايَسةُ:
وهيَ الواقعةُ بينَ مفضولٍ سابقٍ وفاضلٍ لاحقٍ، كقولهِ تعالى : {فما مَتاعُ الدنيا في الآخرةِ إلا قليلٌ} ، أي بالقياس على الآخرة والنسبة إليها.
6- معنى الباءِ، التي للالصاقِ:
كقول الشاعر (من الطويل)
ويَرْكَبُ يَوْمَ الرَّوْعِ مِنَّا فَوارِسٌ
بَصيرُونَ في طَعْنِ الأَباهِرِ والْكُلى
أي بصيرونَ بطعنِ الأباهر.
7- معنى "إلى":
كقولهِ تعالى: {فَرَدُّوا أيديَهم في أفواههم}.

  • الكاف:
معاني الكاف:
الكافُ لها أَربعةُ معانٍ :
1- التشبيهُ:
وهو الأصلُ فيها، نحو "عليٌّ كالأسد".
2- التّعليلُ:
كقوله تعالى: {واذكرُوهُ كما هداكم} ، أَي لهدايتهِ إيّاكم. وجعلوا منه قوله تعالى : {وَيْ كأنّهُ لا يُفلحُ الكافرون!} . أَي أعجبُ أَو تَعجّبْ لعَدم فلاحهم. فالكافُ حرف جر بمعنى اللام، وأنَّ هي الناصبةُ الرافعة.
3- معنى "على":
نحو "كُنْ كما أَنتَ"، أَي كُن ثابتاً على ما أنت عليه.
4- التّوكيدُ:
-وهي الزائدةُ في الإعراب- كقولهِ تعالى : {ليس كمِثلهِ شيءٌ} ، أي ليس مِثلهُ شيءٌ، وقولِ الرَّاجز يَصفُ خيلاً ضوامرَ "لَواحِقُ الأقرابِ، فيها كالمقَق".
واعلم أَنَّ الكاف قد تأتي اسماً بمعنى "مِثلٍ"، كقول الشاعر: (من البسيط)
أَتَنتَهونَ؟ وَلَنْ يَنْهى ذّوي شَطَطٍ
كَالطَّعْنِ يَذْهَبُ فيهِ الزَّيتُ والفُتُلُ
ومنهُ قول المُتنبي: (من الطويل)
وَما قَتَلَ الأَحرارَ كَالْعَفْوِ عَيْنُهمْومَنْ لَكَ بالحُرِّ الَّذِي يَحْفَظُ الْيَدا
ومن العلماءِ من خصَّ ورودَ اسماً بضرورة الشعر. ومنهم من أَجازهُ في الشعر والنثرِ، كالأخفش وأبي علي الفارسي وابن مالكٍ وغيرهم. ويشهدُ لهم قولهُ تعالى، عن لسان المسيح، عليه السلام، في سُورة آل عمرانَ : {أني أخلُقُ لَكم من الطّين كهيئةِ الطير، فأنفُخُ فيه فيكونُ طيراً بإذنِ اللهِ} أي مثلَ هيئةِ الطير. فالكاف اسمٌ بمعنى "مثل"، وهي في محلّ نصبٍ على أنها مفعولٌ به لأخلُقُ. والضميرُ في "فيه"يعود على هذه الكاف الاسميّة، لأنَّ مدلولها مُذكَّرٌ وهو "مِثل". ولو لم تُجعل الكاف هنا بمعنى "مِثل".... الضميرُ بلا مرجع، لأنهُ لا يجوزُ أن يعود إلى "الطير"، لأن النفخ ليس في الطير نفسه، وإنما هو فيما يُشبهُهُ، ولا على هيئة، لأنها مؤنثة. وقد
أعاد الضمير على الهيئة، في سورة المائدة، وهو قولهُ تعالى {وإذْ تَخلُقُ من الطين كهيئة الطير بإذني، فتنفخُ فيها فتكونُ طيراً بإذني} .

  • اللاَّم:
معاني اللام:
اللامُ لها خمسةَ عشرَ معنى:
1- الملكُ:
- وهي الداخلة بين ذاتينِ، ومصحوبُها يَملِكُ - كقوله تعالى : {للهِ ما في السَّمواتِ والأرضِ}، ونحو "الدارُ لسعيدٍ".
2- الاختصاصُ:
وتُسمَّى لامَ الاختصاصِ، ولامَ الاستحقاقِ - وهي الداخلة بين معنًى وذات - نحو"الحمدُ للهِ" والنجاحُ للعاملين, ومنه قولهم"الفصاحةُ لِقُرَيشٍ، والصبّاحةُ لِبَني هاشمٍ".
3- شِبهُ المِلك:
وتُسمّى لامَ النسبة - وهي الدَّاخلة بينَ ذاتينِ، ومصحوبُها لا يملِكُ - نحو "اللجامُ للفرَس".
4- التّبيينُ:
وتُسمّى "اللاّمَ المُبيّنة"، لأنها تُبيِّنُ "أن مصحوبَها مفعولٌ لما قبلَها"، من فعل تعَجُّبٍ أو اسمِ تفضيل، نحو "خالدٌ أحب لي من سعيدٍ. ما أحبّني للعلم!. ما أحملَ عليّاً للمصائب! ". فما بعدَ اللام هو المفعول به. وإنما تقول "خالدٌ أحب لي من سعيد"، إذا كان هو المُحبَّ وأنت المحبوب. فإذا أردت العكسَ قلت "خالدٌ أحبُّ إليَّ من سعيد"، كما قال تعالى : {ربِّ السجنُ أحبُّ إليَّ} وقد سبقَ هذا في "إلى".
5- التّعليلُ والسببيَّةُ:
كقوله تعالى : {إنَّا أنزلنا إليكَ الكتابَ بالحقِّ لتحكُمَ بينَ الناسِ بما أراكَ الله} ، وقولِ الشاعر ( من الطويل )
وإِنِّي لَتَعْروني لِذِكْراكِ هزَّةٌ
كما انْتَفَضَ الْعُصْفورُ بَلَّلَهُ القَطْرُ
ومنهُ اللامُ الثانيةُ في قولكَ "يالَلنَّاسِ لِلمظلوم!".
6- التوكيدُ:
- وهي الزائدة في الإعراب لمُجرَّد توكيد الكلام - كقول الشاعر: (من الكامل)
وَمَلَكْتَ ما بَيْنَ الْعِراقِ ويَثْرِبٍ
مُلْكاً أَجارَ لُمسْلِمٍ ومُعاهِدِ
ونحو "يا بُؤسَ لِلحرب!". ومنهُ لامُ المُستغاث، نحو"يا لَلفضيلة! " ويه لا تَتعلَّق بشيءٍ، لأنَّ زيادتها لمجرَّد التوكيد.
7- التّقويةُ:
- وهيَ التي يُجاءُ بها زائدةً لتقويةِ عاملٍ ضَعُف بالتأخيرِ، بكونه غيرَ فعلٍ. فالأول كقولهِ تعالى : {الذينَ هم لربهم يَرهبُون} وقوله : {إن كنتم للرُّؤْيا تَعبُرونَ} . والثاني كقوله سبحانه : {مُصَدِّقاً لِما مَعَهمْ} وقولهِ : {فعّالٌ لِما يُريدُ} . وهي - معَ كونها زائدةً - مُتعلّقةٌ بالعامل الذي قوَّتهُ، لأنها - مع زيادتها - أفادته التَّقوية، فليست زائدةً مَحضة. وقيل هي كالزائدة المحضة، فلا تتعلَّق بشيء.
8- انتهاءُ الغاية:
- أي معنى "إلى" - كقوله سبحانه: {كلٌّ يجري لأجل مُسمًّى}، أي إليه، وقولهِ : {ولو رُدُّوا لعادوا لِما نُهُوا عنه} ، وقولهِ : {بأنّ ربكَ أوحى لها} .
9- الاستغاثةُ:
وتُستعمَلُ مفتوحةً معَ المستغاث، ومكسورةً معَ المُستغاثِ لهُ، نحو "يا لَخالِدٍ لِبَكر!".
10- التعجبُ:
وتُستعملُ مفتوحةً بعد "يا" في نداءِ المُتعجَّب منه ،
نحو "يا لَلفرَحِ! "، ومنهُ قول الشاعر امرئ القيس (من الطويل)
فَيا لَكَ مِنْ لَيْلٍ كأنَّ نُجُومَهُ
بِكُلِّ مُغارِ الْفَتْل شُدَّتْ بِيَذْبُلِ
وتُستعملُ في غير النداءِ مكسورةٌ، نحو "للهِ دَرُّهُ رجلاً! "، ونحو "للهِ ما يفعلُ الجهلُ بالأممِ! ".
11- الصّيرورةُ:
(وتُسمَّى لامَ العاقبةِ ولامَ المآلِ أيضاً) وهي التي تدلُّ على أنَّ ما بعدَها يكونُ عاقبةً لِمَا قبلها ونتيجةً له، عِلةَّةً في حصوله. وتخالفُ لامَ التَّعليل في أنّ ما قبلها لم يكن لأجل ما بعدها، ومنه قوله تعالى: {فالتقطهُ آلُ فِرعونَ ليكونَ لهم عدواً وحَزَناً} ، فَهُم لم يلتقطوهُ لذلك، وإنما التقطوهُ فكانتِ العاقبةُ ذلك. قال الشاعر ( من الوافر)
لِدُوا لِلْمَوْتِ وَابنُوا لِلْخرابِ
فَكُلُّكُم يَصيرُ إِلى الذَّهابِ
فالإنسان لا يَلِدُ للموت، ولا يبني للخراب، وإنما تكونُ العاقبةُ كذلك.
12- الاستعلاءُ:
- أي معنى "على" - إما حقيقةً كقوله تعالى : {يَخِرُّونَ للأذقانِ سُجَّداً} ، وقولِ الشاعر ( من الطويل )
ضَمَمْتُ إِليهِ بالسِّنانِ قميصَهُ
فَخَرَّ صَريعاً لِلْيَدَيْنِ ولِلفَم
وإمّا مجازاً كقوله تعالى : {إن أسأتُم فَلَها} ، أي فعليها إساءتُها، كما قال في آية أخرى : {وإن أسأتُم فعليها}.
13- الوقتُ:
(وتُسمَّى لامَ الوقت ولامَ التاريخ) نحو"هذا الغلامُ لِسنةٍ"، أي مرَّت عليه سَنةٌ. وهي عندَ الإطلاق تدلُّ على الوقت الحاضر، نحو "كتبتُهُ لِغُرَّةِ شهر كذا"، أي عند غُرّتِهِ، أو في غُرَّتهِ. وعندَ القرينة تدلُّ على المُضيِّ أو الاستقبال، فتكونُ بمعنى "قبَلٍ" أو "بَعدٍ"، فالأولُ كقولك "كتبتُهُ لستٍّ بَقينَ من شهر كذا"، أي قبلها، والثاني كقولك"كتبتُهُ لخمسٍ خَلَوْن من شهر كذا"، أي بعدها. ومنهُ قولهُ تعالى : {أقمِ الصّلاةَ لِدلوكِ الشمس} ، أي بعدَ دلُوكها. ومنه حديثُ "صُوموا لِرُؤيتهِ وأفطِروا لِرؤيته"، أي بعد رؤيته.
14- معنى "معَ":
كقول الشاعر: (من الطويل)
فَلَمَّا تَفَرَّقْنا كأَنِّي ومالِكاً
-لِطولِ اجتماعٍ- لم نَبِتْ ليْلَةً مَعا
15- معنى "في":
كقوله تعالى : {ويَضَعُ الموازينَ القسطَ ليومِ القِيامة} ، أي فيها، وقولهِ : {لا يُجلّيها لوقتها إلاّ هُو} ، أي في وقتها. ومنه قولهم "مضى لسبيله"، أي في سبيلهِ.

  • الواوُ والتَّاءُ:
والواوُ والتاءُ: تكونان للقسم، كقوله تعالى: {والفجرِ وليالٍ عَشرٍ} ، وقولهِ : {تاللهِ لأكيدَنَّ أصنامَكم} .
والتاءُ لا تدخُلُ إلا على لفظ الجلالة. والواوُ تدخلُ على كل مقسم به.

  • مُذ ومُنْذُ:
مُذْ ومُنذُ تكونان حرفيْ جَرّ بمعنى "منْ"، لابتداءِ الغاية، إن كان الزمانُ ماضياً، نحو "ما رأيتكَ مُذْ أو منذُ يومِ الجمعة"، وبمعنى "في"، التي للظرفيّة، إن كان الزمان حاضراً، نحو "ما رأيتهُ مُنذُ يومنا أو شهرِنا" أي فيهما. وحينئذٍ تُفيدان استغراقَ المدَّة، وبمعنى "من وإلى" معاً، إذا كان مجرورهما نكرةً معدودةً لفظاً أو معنى. فالأول نحو "ما رأيتكَ مُذ ثلاثةِ أيام"، أي من بَدئها إلى نهايتها. والثاني نحو"ما رأيتكَ مذ أمدٍ، أو مُنذُ دَهرٍ". فالأمدُ والدهرُ كِلاهما مُتعدِّدٌ معنًى، لأنه يقالْ لكل جزءٍ منها أمدٌ ودهرٌ. لهذا لا يقالُ "ما رأيتُهُ مُنذ يومٍ أو شهرٍ"، بمعنى ما رأيتهُ من بدئهما إلى نهايتهما، لأنهما نكرتانِ غيرَ معدودتينِ، لأنهُ لا يقالُ الجزءِ اليومِ يومٌ، ولا لجزءِ الشهر شهرٌ.
واعلم أَنهُ يشترطُ في مجرورهما أن يكون ماضياً أو حاضراً، كما رأيتَ. ويشترطُ في الفعل قبلَهما أن يكون ماضياً منفيّاً، فلا يقالُ "رأيتهُ منذُ يومِ الخميس"، أَو ماضياً فيه معنى التَّطاوُلِ والامتدادِ، نحو "سِرتُ مُذْ طلوعِ الشمسِ".
وتكونُ "مُذ ومُنذُ" ظرفينِ منصوبينِ مَحلاً، فَيُرفعُ ما بعدَهما. ويُشترَطُ فيهما أَيضاً ما اشتُرطَ فيهما وهما حرفان. وقد سبقَ الكلامُ عليهما في المفعول فيهِ، عندَ الكلامِ على شرحِ الظروف المبنية فراجعهُ.
ومُذ أصلُها "منذُ" فَخُفّفت، بدليل رجوعهم إلى ضم الذَّال عند ملاقاتها ساكناً، نحو "انتظرتكَ مذُ الصباح". ومُنذُ أصلُها "من" الجارَّةُ و"إذ" الظرفيّة، فَجُعلتا كلمةً واحدةً. ولذا كسرت مِيمُها - في بعض اللُّغات - باعتبار الأصل.

  • رُبَّ:
رُبَّ تكونُ للتّقليلِ وللتّكثير : والقرينةُ هي التي تُعيّنُ المرادَ. فمن التقليل قولُ الشاعر: (من الطويل)
أَلا رُبَّ مَوْلودٍ، وَلَيْسَ لَهُ أَبٌ
وذي وَلَدٍ لَمْ يَلْدَهُ أَبَوانٍ
يُريدُ بالأول عيسى، وبالثاني آدمَ، عليهما السلامُ. ومن التكثيرِ حديثُ "يا رُب كاسِيةٍ في الدنيا عاريةٌ يومَ القيامةِ"، وقولُ بعضِ العرب عند انقضاءِ رَمضانَ "يا رُبَّ صائمهِ لن يَصومَهُ ويا رُبَّ قائمهِ لن يَقومهُ".
واعلم أنهُ يُقالُ "رُبَّ ورُبَّةَ ورُبّما ورُبَّتما". والتاءُ زائدة لتأنيث الكلمة، و"ما" زائدةٌ للتوكيد. وهي كافةٌ لها عن العمل.
وقد تُخَفّفُ الباءُ. ومنه قوله تعالى {رُبَما يَودُّ الذين كفروا لو كانوا مُسلمينَ} .
ولا تَجُرُّ "رُبَّ" إلا النكرات، فلا تُباشِرُ المعارفَ. وأمّا قولهُ "يا رُبَّ صائمهِ، ويا رُبَّ قائمهِ" المتقدَّمُ، فإضافة صائم وقائم إلى الضمير لم تُفدهما التعريفَ، لأنَّ إضافةَ الوصف إلى معمولهِ غير محضةٍ، فهي لا تُفيدُ تعريفَ المضاف ولا تخصيصَهُ، لأنها على نيّة الانفصال، ألا ترى أنك تقول "يا رُبَّ صائم فيه، ويا ربَّ قائم فيه".
والأكثر أن تكون هذه النكرة موصوفة بمفردٍ أو جملة. فالأول نحو "رُبَّ رجلٍ كريمٍ لقيته". والثاني نحو "رُبَّ رجلٍ يفعل الخيرَ أكرمته". وقد تكونُ غيرَ موصوفة، نحو "رُبَّ كريم جبانٌ".
وقد تُجُرُّ ضميراً مُنكَّراً مُميّزاً بنكرةٍ. ولا يكونُ هذا الضميرُ إلا مُفرداً مُذَكَّراً. أما مُميّزُهُ فيكونُ على حسب مُراد المتكلم مفرداً أو مُثَنَّى أو جمعاً أو مذكراً أو مؤنثاً، تقول "رُبّهُ رجلاً. رُبّهُ رَجلَينِ. رُبّهُ رجالاً. رُبّهُ امرأةً. رُبَّهُ امرأتينِ. رُبّهُ نساءً". قال الشاعر: (من الخفيف)
رُبَّهُ فِتَيَةً دَعَوْتُ إلى ما
يُورِثُ الْحَمَدَ دائباً، فأَجابُوا
وسيأتي الكلامُ على محل مجرور "رُبَّ" من الإعراب، في الكلام على موضع المجرور بحرف الجر.

  • خَلاَ وَعَدا وحَاشا:
خَلا وعدا وحاشا تكون أَحرف جرٍّ للاستثناء، إذا لم يتقدَّمهنَّ "ما".

  • كَيْ:
كي حرفُ جرَّ للتعليل: بمعنى اللام. وإنما تَجُرُّ "ما"الاستفهامية، نحو "كيْمَهْ؟ "، نقولُ "كيمَ فعلتَ هذا؟ "، كما تقولُ "لمَ فعلته؟ ". والأكثرُ استعمالُ "لمهْ؟ "وتُحذَفُ أَلِفُ "ما" بعدَها كما تُحذَفُ بعدَ كلِّ جارٍّ، نحو "مِمّهْ وعَلامهْ وإلامَهْ". وإذا وقَفُوا ألحقوا بها هاء السكت، كما رأيتَ. وإذا وصلوا حذفوها، لعدم الحاجة إليها في الوصل.
وقد تَجرُّ المصدرَ المؤوّلَ بما المصدرية كقول الشاعر: (من الطويل)
إِذا أَنتَ لَم تَنْفَعْ فَضُرَّ فإنَّما
يُرادُ الْفَتَى كيْما يَضُرُّ وَيَنْفَعُ
(فكي حرف جر. وما مصدرية، فما بعدها في تأويل مصدر مجرور بكي. أي يراد الفتى للضر والنفع. ويجوز أن تكون "كي" هنا هي المصدرية الناصبة للمضارع. فما. بعدها. زائدة كافةٌ لها عن العمل) .

  • مَتَى:
مَتى تكونُ حرفَ جرٍّ : - بمعنى "مِنْ" - في لُغةِ"هُذَيلٍ"، ومنهُ قولهُ ( من الطويل )
شَرِبْنَ بِماءٍ البَحْرِ ثُمَّ تَرَفَّعْتْ
مَتَى لُجَج خُضْرٍ لَهُنَّ نَئيجُ

  • لعَلَّ:
لَعَلَّ تكونُ حرفَ جرٍّ في لغة "عُقَيلٍ" وهي مبنيّةٌ على الفتح أو الكسر، قال الشاعر (من الطويل )
فَقُلْتُ ادْعُ أُخرَى وارفَعِ الصَّوْتَ جَهْرَةً
لَعَلَّ أَبي المِغْوارِ منْكَ قَريبُ
وقد يُقال فيها "عَلَّ" بحذف لامِها الأولى.
وهي حرفُ جرّ شبيهٌ بالزائد، فلا تتعلَّقُ بشيءٍ. ومجرورها في موضع
رفعٍ على أَنه مبتدأ. خبرهُ ما بعدَه.
وهي عندَ غير "عُقَيل" ناصبةٌ للاسم رافعةٌ للخبر، كما تقدَّم.

إرسال تعليق

اترك تعليقا (0)

أحدث أقدم