الزكاة: مقدمة عامة حول فريضة الزكاة

زكاة المال وحول الحول

الزكاة: مقدمة عامة حول فريضة الزكاة

الحديث الأول:

عن ابنِ عبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: ((إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ، فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» )) أخرجه البخاري ومسلم.

غريب الحديث:

صدقة: المراد بها الزكاة، وسميت صدقة لدلالتها على صدق إيمان المزكي.
الكرائم جمع كريمة: قال ابن الأثير: كرائم أموالهم أي نفائسها التي تتعلق بها نفس مالكها ويختصها بها، حيث هي جامعة للكمال الممكن في حقها، وواحدتها: كريمة.

تعريف الزكاة لغة واصطلاحا:

تعريف الزكاة لغة:

الزكاة لغة: الطهارة، والنماءُ.
تعريف الزكاة اصطلاحا:
الزكاة في الشرع: قال ابن عرفة: «الزكاة اسم جزء من المال شرطه لمستحقه ببلوغ المال نصابا، ومصدر إخراج جزء إلى آخره».

استنباط أحكام الحديث:

المسألة الأولى: ما حكم الزكاة؟

دل الحديث على وجوب الزكاة؛ وقد نقل الإجماع على ذلك ابن حزم، وابن رشد، وابن قدامة، والنوويّ.

المسألة الثانية: على من تجب الزكاة؟

أولا: تجب على المسلم:
دل هذا الحديث -أيضا- على أن الزكاة تجب على المسلم؛ وقد نقل الإجماعَ على ذلك: النووي وابن رشد وابن قدامة وابن حزم.
ثانيا: تجب على الغني:
إضافة إلى كونه مسلما فقد دل الحديث -أيضا- على أن شرطه أن يكون غنيا؛ أخذًا من قوله صلى الله عليه وسلم  (تؤخذ من أغنيائهم ..)، وقد فسَّرت الأدلة الشرعية المقصود بذلك، وهو: أن يبلغ المال عنده نصابا، وأن يملكه ملكا تاما:

بلوغ النصاب في الزكاة:

من شروط المال الذي تجب فيه الزكاة، أن يبلغ النصاب، وقد نقل الإجماع على ذلك: ابن حزم والنووي وابن قدامة، وهذا الإجماع في غير الزروع والثمار والمعادن، فأبو حنيفة يرى أن في قليل ما أخرجت الأرض وكثيره العشر.

تمام الملك للنصاب:

فمن شروط المال الذي تجب فيه الزكاة الملك التام، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.

تنبيه: الوقت الذي يعتبر فيه النصاب: 

يجب أن يوجد النصاب كاملا في جميع الحول؛ فإن نقص النصاب لحظة من الحول؛ انقطع الحول، فإن كمل بعد ذلك استؤنف الحول من حين يكمل النصاب، وهذا مذهب الجمهور: المالكية، والشافعية، والحنابلة، وهو قول زفر من الحنفية.
_________________

الحديث الثاني:
عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللهُ عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَنْ وَلِيَ يَتِيمًا لَهُ مَالٌ، فَلْيَتَّجِرْ لَهُ، وَلاَ يَتْرُكْهُ حَتَّى تَأْكُلَهُ الصَّدَقَهُ)) رواه الترمذي.

غريب الحديث:

يتيمًا: اليتيم هو من مات والده ولم يبلغ، والجمع: يتامى وأيتام، والصغيرة يتيمة، وجمعها: يتامى.

إسناد الحديث:

هذا الحديث ضعيف، فقد سئل عنه الإمام أحمد، فقال: ليس بصحيح. وقال الترمذي: في إسناده مقال؛ لأنَّ المُثنَّى بن الصبَّاح يضعُف في الحديث.
وقد تابعه محمد بن عبد الله بن عمر، أخرجه الدارقطني. وتابعه أيضًا عبد الله بن علي الإفريقي أخرجه الجرجاني، وهو ضعيف.
وتابعه أبو إسحاق الشيباني، وهو ثقة لكن الراوي عنه مندل، وهو ضعيف أيضًا، فالحديث بجميع طرقه هذه ضعيف.
وهذا الحديث له شاهد مرسل  عند الشافعي .. ولفظه: ((ابتغوا في مال اليتيم -أو في مال اليتامى– لا تُذهبها –أو لا تستأصلها– الصدقة )). وللحديث شاهد عن عمر موقوفًا، صححه البيهقي.

استنباط أحكام الحديث:

مسألة: هل يشترط البلوغ والعقل لوجوب الزكاة؟

دل الحديث على أنه ليس من شروط وجوب الزكاة: البلوغ وقياسا عليه العقل. وهذا مذهب الجمهور: المالكية، والشافعية، والحنابلة، واختاره ابن حزم. لكن هذا الحديث ضعيف لا ينهض للاحتجاج به في هذه المسألة، وتبقى النصوص العامة هي الدالة على وجوب الزكاة على مالهما، والمسألة فيها خلاف.

إرسال تعليق

اترك تعليقا (0)

أحدث أقدم