جمع اللغة العربية وجهود العلماء في تدوينها

جمع اللغة العربية وجهود العلماء في تدوينها

جمع اللغة العربية وجهود العلماء في تدوينها



أنزل الله تعالى القرآن بلسان عربي مبين، وتكفل له بالحفظ والبيان كما قال: {إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه} القيامة 17-19 وكان طبيعيا أن يفهمه النبي صلى الله عليه وسلم جملة وتفصيلا، كما كان طبيعيا أن يفهمه أصحابه صلى الله عليه وسلم في جملته، أي بالنسبة لظاهره وأحكامه، أما فهمه تفصيلا ومعرفة دقائق باطنه، بحيث لا يغيب عنهم شاردة ولا واردة منه، فهذا غير ميسور لهم بمجرد معرفتهم لغة القرآن، بل لا بد لهم من البحث والنظر والرجوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيما يشكل عليهم فهمه، وذلك لأن القرآن فيه المجمل والمشكل والمتشابه، وغير ذلك مما لا بد في معرفته من أمور أخرى يرجع إليها.



روى البخاري عن علقمة عن عبد الله رضي الله تعالى عنه قال: "لمّا نزلت هذه الآية: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون} الانعام - 82  شق ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس كما تظنون، إنما هو كما قال لقمان لابنه: {يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم}.

وبعد انتقال النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى احتكم الصحابة -في فهم ألفاظ القرآن الكريم- إلى لغة العرب.
فقد كانوا يخشون القول في كتاب الله بغير علم، فهذا سيدنا أبو بكر يُسأل عن معنى قوله تعالى: {وفاكهة وأبّا}. فيقول: "أي سماء تظلني وأي أرض تقلني، إن أنا قلت في كتاب الله ما لا أعلم".

وسيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قرأ الآية نفسها على المنبر، فقال: هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأبّ؟ ثم رجع إلى نفسه فقال: إن هذا هو الكلف يا عمر.

وعبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه يقول: كنت لا أدري ما (فاطر السماوات) حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، يقول: أنا بدأتها. ويقول: ما كنت أدري ما قوله تعالى: {افتح بيننا وبين قومنا بالحق} حتى سمعت قول بنت ذي يزن: تعال أفاتحك، تقول: تعال أخاصمك.

كان الصحابة رضوان الله عليهم إذن يجهلون معاني بعض ألفاظ القرآن الكريم، فكانوا يسألون من له علم بذلك، قال سعيد بن المسيب: بينما عمر ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه على المنبر، قال: يا أيها الناس ما تقولون في قول الله تعالى: {أو يأخذهم على تخوف}، فسكت الناس، فقال شيخ من بني هذيل: هي لغتنا يا أمير المؤمنين، التخوف التنقص. فخرج رجل فقال: يا فلان ما فعل دينك؟ قال: تخوفته، أي: تنقصته فرجع فأخبر عمر فقال عمر: أتعرف العرب ذلك في أشعارهم؟ قال: نعم، قال شاعرنا أبو كبير الهذلي يصف ناقة تنقص السي سنامها بعد تمكه واكتنازه:

تخوف الرحل منها تامكا قردا ... كما تخوف عود النبعة السفن

2 تعليقات

إرسال تعليق

اترك تعليقا

أحدث أقدم