تَعْرِيفُ الإِسْنَادِ لُغَةً وَاصْطِلَاحاً

هذه المقالة ستتناول:
  1. تعريف الإسناد لغة واصطلاحا.
  2. أهمية الإسناد.


يقول الإمام علي بن المديني (ت 231 هـ): "والفقه في معاني الحديث نصف العلم ومعرفة الرجال نصف العلم"
المحدث الفاصل للرامهرمزي ص 320


وذلك لأن الشريعة الاسلامية وصلت الينا عن طريق الصحابة رضوان الله عليهم، سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نقلوا لمن بعدهم،  وهكذا حتى وصل الدّين الينا كاملا نقيا سليما من الزيادة والنقصان.

وكان لاهتمام المحدثين بالأسانيد، وبحثهم عن الرواة، وسؤالهم عن أحوالهم أثر بارز في ظهور علم الرواة ونشأة علم الجرح والتعديل، ثم مر بعد ذلك بمراحل ملتحقة حتى اكتملت فنونه، واستقرت أصوله، واستوى على سوقه.

ولأهمية علم الإسناد قام المحدثون رحمهم الله بجهود مضنية وجبّارة في سبيل وضع الضوابط والقيود لرواة الاحاديث ورجال الأسانيد، ليميّزوا ما يؤخذ من أخبار الرجال وما لا يؤخذ، فوضعوا مؤلفات في الجرح والتعديل وطبقات الرواة وتمييزهم، وفي الوفيات، وغير ذلك.

تَعْرِيفُ الإِسْنَادِ لُغَةً وَاصْطِلَاحاً

تعريف الاسناد لغة واصطلاحا

أ- تعريف الإسناد لغة

الإسناد لغة: يقول ابن فارس(ت 395هـ): "السين والنون والدال -س ن د-أصل واحد يدل على انضمام الشيء إلى الشيء يقال سَنَدت الى الشيء اسندت سنودا، واستندت استنادا، واسندت غيري اسنادا ... وفلان سند أي معتمد.
والسند ما أقبل عليك من الجبل وذلك اذا علا عن السفح. والاسناد في الحديث أن يسند الى قائله وذلك هو القياس.    مقاييس اللغة 105/3 مادة  س ن د

وقال الفيروز أبادي: (ت 817 هـ)  في القاموس: "السند محركة: ما قابلك من الجبل وعلا عن السفح، ومعتمد الانسان" 
القاموس المحيط (ص370) مادة  سـ نـ د

فتبين أن السند مأخوذ من:
  • إما من السند: وهو ما ارتفع وعلى عن سفح الجبل ووجه مناسبته للمعنى الاصطلاحي هو ان السند يرفع الحديث إلى قائله.
  • وإما مأخوذ من قولهم: فلان سند، أي معتمد، فسمي السند بذلك لاعتماد الحفاظ في صحة الحديث وضعفه عليه. 

ب- تعريف الإسناد اصطلاحا

للإسناد عدة تعريفات، لكن جميعها تؤول إلى معنى واحد.
-المنهل الروي ص30  اليواقيت والدرر لمناوي 116/1  شرح نزهة النظر للقاري ص 157 : 160- 

فتارة يقولون: الإسناد هو: "رفع الحديث الى قائله مسندا"  ومرة يقولون: "عزوه الى قائله مسندا" وقيل: "هو الطريق الموصل الى المتن"  ويقال: "هو سلسلة الرجال الموصلة الى المتن".

يقول الحافظ بدر الدين بن جماعة  (ت733هـ):  "وأما السند فهو الاخبار عن طريق المتن". المنهل الروي ص 30

وقد نظم هذا المعنى الحافظ السيوطي (ت911هـ)  في ألفيته بقوله:
والسند الإخبار عن طريـق
متن كالإسناد لدى فريق
وعرف الإسناد الحافظ ابن حجر (ت 852 هـ) بقوله: "السند: حكاية طريق المتن".  نزهة النظر (ص 19)

أهمية الإسناد

من المقطوع والمجزوم به، أن شرف العلوم يتفاوت بشرف معلومها، ويتباين بتفاضل متعلقها، والاسناد جزء من الحديث النبوي، يشرف بشرفه، ويعلوا بعلو قدره.
وعلم الاسناد مما خص الله تعالى به هذه الأمة، وميزها به عن سائر الأمم، كما تواتر بذلك النقل عن الائمة العلماء.
يقول شيخ الاسلام ابن تيمية (ت 728 هـ) "علم الاسناد والرواية مما خص الله تعالى به أمة محمد صلى الله عليه وسلم".                مجموع الفتاوى 9/1

ويقول القسطلاني  (ت 923 هـ) وهو يعد خصائص هذه الأمة: "ومنها أنهم أوتوا الاسناد، وهو خصيصة فاضلة من خصائص هذه الأمة وسنة بالغة من السنن المؤكدة".
المواهب اللدنية 277/2

وبهذا العلم الجليل استطاع، المحدثون أن يحافظوا على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبه ميزوا صحيحها من ضعيفها، وسمينها من غثها، يقول القاضي عياض اليحصبي  (ت 544 هـ): "فاعلم أولا أن مدار الحديث على الاسناد، فيه تتبين صحته، ويظهر اتصاله".
الالماع الى معرفة اصول الرواية وتقييد السماع ص149.

وقال ابو السعادات ابن الأثير (ت 606 هـ)  "اعلم أن الاسناد في الحديث، هو: الأصل، وعليه الاعتماد، وبه تعرف صحته وسقمه".
جامع الاصول 109/1

ولأهمية الاسناد، فان الله تبارك وتعالى حفظ الأسانيد على هذه الامة، فقد أثر عن الامام عبد الله بن المبارك (ت181هـ) انه قال: "ان الله حفظ الاسانيد  على أمة محمد صلى الله عليه وسلم".
شرح علل الترمذي لابن رجب 360/1

ولعلم الاسناد مسالك وعرة، يتطلب سلوكها وبلوغ غايتها عناية خاصة، ومثابرة جادة، فهو كما يصفه الحافظ ابن عبد البر (ت 463 هـ) "لعلم الاسناد طرق يصعب سلوكها على من لم يصل بعنايته اليها، ويقطع كثيرا من أيامه فيها" 
التمهيد لما في الموطا من المعاني والاسانيد 60/1

وقد تظافرت أقوال أئمة المسلمين في بيان منزلة الاسناد، والحض على حفظه والاعتناء به، وتواترت قالاتهم في تعداد فضائله، والتنويه بحملته، ولعلنا في هذه المقالة نقف على نماذج يسيرة لما قرأنا،  فمن ذلك:
قال عبد الله بن عون: ذكر أيوب لمحمد، -يعنى ابن سيرين- حديث أبي قلابة، فقال أبو قلابة إن شاء الله ثقة، رجل صالح، ولكن عمن ذكره أبو قلابة ؟
الكامل في ضعفاء الرجال لابن عدي 34/1

وقال محمد ابن سيرين (ت110هـ) أيضا: "ان هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم".
مقدمة صحيح مسلم 14/1



يمكن أن يساعد أيضا التركيز في الآتي:

إرسال تعليق

اترك تعليقا (0)

أحدث أقدم