الإِعْجَازُ القُرْآنِيُّ عِنْدَ الزَّمَخْشَرِيِّ | فَوَائِدُ

الإعجاز القرآني عند الزمخشري


الإِعْجَازُ القُرْآنِيُّ عِنْدَ الزَّمَخْشَرِيِّ


حين بعث اللهُ الرُّسُلَ بعثھم بآيات تدل على صدق نبوتھم وأنھم مصطفون من فوق قوة البشر، وكانت ھذه المعجزة المناصرة للأنبياء من جنس ما برع فيه قومھم.


فـموسى كانت معجزته من جنس السحر الذي برع فيه قومه، وعيسى كانت معجزته الطب لبراعة قومه فيه، ومحمد صلى الله عليه وسلم معجزته البيان القرآني، لأنه مبعوث إلى قوم فصحاء في العربية عارفين بجميع لغة قبائلھا وبلاغتھا وبيانھا ورونقھا لم يسبق لھا تاريخ قبل.


فنزل القرآن إلى العرب وتحداھم أن يأتوا بمثله، وجعل ھذا التحدي أمارة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى: (فلياتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين) سورة الطور، الآية: 34. (قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين) ھود/13، ثم قال: (أم يقولون افتراه قل فاتوا بسورة من مثله) سورة البقرة، الآية: 23. ثم قال: (أم يقولون افتراه قل فاتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين)، سورة يونس، الآية: 38. ثم قال تعالى: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل ھذا القرآن) سورة الإسراء، الآية: 88.


لقد كان موقف العرب من ھذا القرآن موقف المبھور المتحير الذي لا يدري إلا أنه أمام قوة فوق قواه، ونصب طاقة معجزة، وصور لنا القرآن الكريم حيرتھم وأقوالھم الشنيعة المتخبطة حيث قالوا فيه: ساحر مجنون مفتر متقول..، وتلك ھي حال المعاند والمحاسد المتعسف الماكر الفار من الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وھو معجزة القرآن والبيان. وذلك بعد عدھم وخرصھم على أن يأتوا بمثل القرآن فلم يستطيعوا أبدا ولو استعانوا بالجن والإنس لن يأتوا بمثله. 


الإعجاز عند الزّمخشري

أثارت قضية الإعجاز القرآني عقول الباحثين والمفكرين من العلماء كثيرا، وظلوا يبحثون في قضية الإعجاز القرآني وبذلوا جھدا كبيرا في إدراك حقيقته، فمنھم من يرى الإعجاز القرآني في نظمه وبيانه ومعانيه وإخباره بالأمور الغيبية، ومن قال بھذا الإمام الزمخشري رحمه الله، يرى أن معجزة القرآن الكريم من جھتين:

  1. من جهة ما فيه من الإخبار بالغيب
  2. من جهة النّظم


1- من جهة ما فيه من الإخبار بالغيب

يتجلى ذلك عند تفسيره وھو يشرح قوله تعالى: (ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وھم من بعد غلبھم سيغلبون) الروم/1-12. يقول: وھذه الآية من الآيات البينة الشاھدة على صحة النبوة، وأن القرآن الكريم من عند الله لأنھا أنباء عن علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله. ويقول في الآية: (الذين جعلوا القرآن عضين) الحجر/91. وھذا من الإعجاز، لأنه إخبار بما سيكون وقد كان. إذن الزمخشري يرى أن صدق الإخبار عن الغيوب من معجزة القرآن الكريم.


2- من جهة النظم

يقول الزمخشري: النظم ھو "أم إعجاز القرآن" والقانون الذي وقع عليه التحدي ومراعاته أھم ما يجب على المفسر، ويقول عن أسرار الجمال القرآني، وھذه الأسرار والنكت لا يبرزھا إلا علم النظم وإلا بقيت محتجبة في أكمامھا، فالمتتبع لقضية الإعجاز القرآني عند الزمخشري في نظم القرآن يجدھا تتجلى عنده في علمي "المعاني والبيان" وھما مختصين بالقرآن الكريم، ويكشفان عن جمالية معانيه وميزتھا، قال الزمخشري: "إن أملأ العلوم بما يغمر القرائح وأنھضھا بما يبھر الألباب القوارح من غرائب نكت يلطف مسلكھا، ومستودعات أسرار يدق سلكھا علم التفسير الذي لا يتم لتعاطيه وإجالة النظر فيه كل ذي علم..، ولا يغوص على شيء من تلك الحقائق إلا رجل قد برع في علمين مختصين بالقرآن ھما: علم المعاني وعلم البيان.."3. والملاحظ أن التفسير البلاغي الذي استقر عليه الزمخشري واشتھر به ھو كالتالي:

  1. المعاني
  2. البيان
  3. البديع


بقلم الأستاذ الدّكتور: عبد الواحد بوشداق | أستاذ بجامعة عبد المالك السعدي مرتيل


قد يُلفت انتباهك الآتي:
وجوه الإعجاز القرآني عند الإمام الخطّابي
وجوه الإعجاز القرآني عند الإمام الرّمّاني
وجوه الإعجاز القرآني عند الإمام الباقلاني
وجوه الإعجاز القرآني عند الإمام الجرجاني

إرسال تعليق

اترك تعليقا (0)

أحدث أقدم