تطبيقات الإستراتيجية العسكرية الروسية بعد الحرب الباردة | الدكتور واثق السعدون

هنالك الكثير من المواقف التي اتخذتها روسيا الإتحادية خلال الأعوام التي أعقبت تفكك الإتحاد السوفييتي (السابق)، أو التحركات العسكرية التي قامت بها، أو السياسات الأمنية التي اتبعتها، أو العلاقات العسكرية التي أنشأتها، في تلك المدة، جاءت منسجمة مع أهداف الإستراتيجية العسكرية الروسية بعد الحرب الباردة، وعدّت تطبيقاً لها.

ففيما يتعلق بوحدة أراضي روسيا الإتحادية وأمنها الداخلي، أعطت هزيمة روسيا الإتحادية في حرب الشيشان الأولى (1994- 1996) إنذاراً بضرورة إصلاح أوضاع الجيش الروسي، وقد تركزت عمليات الإصلاح على محاور أساسية أهمها القضاء على ترهل الجيش بتخفيضه من (3) مليون فرد إلى (1,5- 2) فرد، وتحديث الجيش وإعادة تنظيمه، والنهوض بمستوى الخدمات الطبية والإجتماعية المقدمة لأفراده، والتي وصلت آنذاك إلى مستوى متدن.

لذلك أظهر الجيش الروسي في اجتياحه التالي للشيشان في آب/ أغسطس 1999 تحسناً كبيراً في أدائه القتالي عن الحرب السابقة، وتمكن من تحقيق الأهداف المرسومة له.

كان فلاديمير بوتين رئيس وزراء روسيا إبان اجتياح 1999، وكان هو القائد الفعلي لإستحضارات هذه الحرب، وهو من سعى إلى ترسيخ قناعات الرئيس يلتسين بشن حرب على الشيشان يتآزر فيها التخطيط المحكم لكافة الجوانب العسكرية والسياسية والإعلامية، لضمان نجاحها، وتفادي تكرار نتائج الحرب السابقة، ثم تخرج روسيا من هذه الحرب الجديدة دولة قوية منتصرة، قادرة على قمع أي تمرد يحصل في الجمهوريات والأقاليم والمقاطعات المكونة لروسيا الإتحادية (1)، وتستعيد القيادة الروسية مصداقيتها في نظر الروس، وتستعيد روسيا مهابتها في الخارج، ومن جهة أخرى فمن أهداف الاجتياح الروسي الثاني للشيشان، هو تجنب أجراء الاستفتاء الخاص بتقرير مصير الشيشان الذي نصت عليه الاتفاقيات المبرمة بين الروس والشيشان في 31 آب/ أغسطس 1996، و12 أيار/ مايو 1997، والتي تم إيقاف إطلاق النار في الحرب الروسية- الشيشانية الأولى (1994- 1996) على أساسها، لأن موسكو تعرف بأن نتائج هذا الإستفتاء لن تكون في صالحها في حالة حدوثه (2).

وتزايدات خطوات إصلاح الجيش بعد وصول بوتين إلى الرئاسة في عام 2000، وبخاصة مع الجهود التي قام بها وزير الدفاع الروسي سييرغي إيفانوف بزيادة المخصصات المالية لأفراد القوات المسلحة والتوجه نحو بناء جيش إحترافي.

وفي محاولة لمواجهة التغلغل العسكري الأمريكي في بلدان أوروبا الشرقية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن زيادة ميزانية برنامج التسلح من نحو (25) مليار دولار إلى (150) مليار دولار، من أجل إستبدال (50%) من السلاح الروسي القديم بإسلحة وتقنيات حديثة بحلول عام 2015. ويشمل برنامج تحديث الأسلحة في روسيا أجهزة رادار وأجيال جديدة من الصواريخ العابرة للقارات وطائرات، وتخصيص الأموال اللازمة لبناء (30) سفينة مقاتلة و(6) حاملة طائرات و(3) غواصات نووية.

وبررت القيادة الروسية بأن السبب الأساس الذي يدفعها إلى رفع وتيرة تسليح جيشها وإصلاحه هو تزايد نشاطات حلف شمالي الأطلسي بإتجاه الحدود الروسية (3).

تطبيقات الإستراتيجية العسكرية الروسية بعد الحرب الباردة واثق السعدون


في ما يخص علاقة روسيا الإتحادية بالجمهوريات التي استقلت عن الإتحاد السوفييتي (السابق)، شرعت روسيا الإتحادية بعد تفكك الإتحاد السوفييتي (السابق) في إعادة دمج أمنها بأمن بلدان رابطة الدول المستقلة، والقيام بمحاولات إنشاء قيادات عسكرية مشتركة معها، في إطار منظومة للأمن الجماعي، وذلك من خلال إصرارها على عقد إتفاقيات أمنية كالتي أبرمت في 15 أيار/ مايو 1992 مع كل من:

  • كازاخستان
  • أوزبكستان
  • قرغيزستان
  • طاجيكستان
  • تركمانستان
  • أرمينيا
  • اذربيجان
وقد منعت هذه الإتفاقية الدول المشاركة فيها من الدخول في أي أحلاف عسكرية أو تجمعات أخرى ضد الدول المشاركة فيها، وعهدت مسألة الدفاع عن الحدود الإقليمية للأعضاء إلى قوة عسكرية موحدة، ولكن في الحقيقة ان معظم هذه القوة من الجيش الروسي (4).

من جهة أخرى رفضت كل من أوكرانيا وروسيا البيضاء هذه الصيغة وفضلتا ان يكون لكل دولة جيشها وقيادتها العسكرية الخاصة، لأن الصيغة الجماعية ستؤدي حتماً إلى هيمنة روسيا الإتحادية على الرابطة بسبب تفوقها العسكري. فأخذت موسكو بالضغط عليهما بدءاً بمطالبتهما بتسديد ديونهما المستحقة لروسيا الإتحادية وهددتهما بقطع الغاز والنفط عنهما من أجل إقناعهما بالتخلي عن ترسانتهما النووية، وبالفعل تم إرسال هذه الأسلحة النووية الإستراتيجية إلى روسيا الإتحادية بغية تفكيكها، فضلاً عن حل مشكلة إسطول البحر الأسود الراسي في السواحل الأوكرانية بتقاسم الأسطول بين البلدين بنسبة (80%) للروس، و (20%) للأوكرانيين.

كما أستخدم الروس وسيلة إثارة بعض المشكلات والنزاعات في تلك البلدان المستقلة حديثاً ضمن هذا المسعى، بشرط بقاء تطورات تلك النزاعات وامتداداتها تحت سيطرة روسيا الإتحادية.

مثل وقوفها لجانب إقليم (ترانسنيستريا) في توجهاته للإنفصال عن جمهورية مولدافيا، إحدى جمهوريات الاتحاد السوفييتي (السابق) في أوروبا الشرقية، وهذا الإقليم الذي يقطنه سكان من أصول روسية وأوكرانية، يعد مستقل منذ حرب عام 1992 التي دارت بين الانفصاليين المدعومين من روسيا الإتحادية والقوات المولدافية (5).

وفي السياق نفسه، كانت المواقف الروسية واضحة في دعم وتكريس انفصال إقليمي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا عن جورجيا (6) طوال الأعوام التي أعقبت تفكك الإتحاد السوفييتي (السابق)، وتوجت هذه المواقف بالتدخل العسكري الروسي الواسع خلال الحرب الروسية- الجورجية التي اندلعت في آب/ أغسطس 2008.

بينما وقفت روسيا الإتحادية إلى جانب جورجيا لمنع إنفصال إقليم (إدجاريا) عن الأخيرة في عام 2004، أي بمعنى إستخدام سياسة الترغيب والترهيب.

لقد ظلت الاختلافات بين روسيا والغرب تلقي بظلالها على علاقات روسيا بجورجيا وتشوشها.

فقد تفاقمت الخلافات في مطلع عام 2005 حينما زادت القيادة الجورجية ضغوطها على موسكو حول قضية الوجود العسكري الروسي على أراضيها، المتمثل بالقاعدتين رقم (12) في مدينة باتومي عاصمة إقليم أدجاريا الجورجي، ورقم (62) في مدينة أخالكالاكي القريبة من حدود جورجيا مع أرمينيا، وكانت القوات الروسية الموجودة على الأراضي الجورجية تتكون من (8000) فرد، و(153) دبابة، و(241) ناقلة أشخاص مدرعة، و(240) منظومة مدفعية.

أخلت موسكو تلك القواعد قبل عام 2008، ونقلت قسم من أسلحتها ومعداتها إلى القاعدة الروسية رقم (102) في أرمينيا.

وطالبت بتعويض عن ممتلكاتها التي خلفتها على الأراضي الجورجية، ما يقارب الـ(500) مليون دولار.

ولكن بالرغم من إخلاء الجيش الروسي لهذه القواعد، إلا انه ظل محيطاً بجورجيا، ففضلاً عن وجود قواعده في إقليمي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا المنفصلين عن جورجيا، هنالك تشكيلاته الباقية في أرمينيا بما في ذلك فوج الصواريخ المضادة للطائرات والمزود بأنظمة صواريخ "SF-300"، وكذلك سرب طائرات "ميغ-29" الاعتراضية المقاتلة، وفوجان آليان وفوج للمدفعية.

ويبلغ تعداد تلك التشكيلات ما يقارب الـ(4000) عسكري روسي (7).

كما ترابط قوات روسية حالياً في أذربيجان حيث تقع محطة "دارييال" للرصد والإنذار من الهجمات الصاروخية.

ويخدم في هذه المحطة الواقعة في بلدة غابالا الأذرية ما يقارب الـ(1000) عسكري روسي.

من جهة أخرى نرى في الوقت الذي تعلن فيه روسيا الإتحادية بإن موقفها محايد في النزاع بين أرمينيا وأذربيجان حول إقليم ناغورنو قرة باخ (8)، فإنها تقوم بدور أساسي في تفاقم هذه المشكلة، عن طريق قيامها بدعم أرمينيا عسكرياً وتزويدها بصواريخ أرض- جو، وسرب طائرات ميغ (29)، مما رجح كفة الأرمن في هذا الصراع، وساهمت روسيا في إسقاط حكومة أول رئيس منتخب لأذربيجان أبو الفضل التشيبى (Shaibi Fadl El Abou) (9)، وحاولت مرتين الإطاحة بخلفه الرئيس حيدر علييف (Heydar Aliyev 1993-2003).

وتسعى موسكو باستمرار لإستعادة دورها الحاسم في تسيير الشؤون الداخلية في أذربيجان، وجذب كازاخستان إلى الدخول في علاقة شبه فيدرالية مع روسيا، فضلاً عن إضعاف أوزبكستان، وفيما يتعلق بالأخيرة، تذرعت روسيا بالتهديد المتمثل في أفغانستان لتقوم بنشر قواتها على الحدود الطاجيكية، والإحاطة (بإحكام) بأوزبكستان، وقد أبلغ رئيس الوزراء الروسي السابق يڤگيني پريماكوڤ Yevgeny Primakov (1998- 1999) دول آسيا الوسطى بأنه يتعين عليهم إما العمل وفق سياسات كومنولث الدول المستقلة، وإما أن يسددوا بالكامل الديون المستحقة عليهم لروسيا (10).

وقد تمكنت روسيا في عام 2005 من دفع أوزبكستان إلى إتخاذ قرار بإنهاء الوجود العسكري الأمريكي على الأراضي الأوزبكية، كما نجحت موسكو في مطلع عام 2009 في إقناع قرغيزستان بفسخ عقد إيجار قاعدة (ماناس) القرغيزية للقوات الأمريكية التي بدأت باستخدامها منذ العام 2001 لإدامة عمليات حلف شمالي الأطلسي في أفغانستان، ووعدت روسيا قرغيزستان بدفع مبلغ الـ(2) مليار دولار الذي كانت الولايات المتحدة تدفعها سنويا لقاء تأجيرها لهذه القاعدة مقابل هذا القرار (11).

اتهم الغرب روسيا الإتحادية بانتهاج سياسة "عدم إستقرار مدبر"، في مناطق مختلفة من بلدان رابطة الدول المستقلة، وان موسكو تستغل حالة عدم الاستقرار هذه لمنع تقوية هذه الدول وأي رفض لاحق للنفوذ الروسي ينشأ فيها، ومن ثم المحافظة على الوجود العسكري الروسي في تلك الدول، وإثبات أن الصراعات السياسية- العرقية في هذه المنطقة لا يمكن تسويتها دون التدخل الروسي (12).

لذلك تضمنت وثيقة "إستراتيجية الأمن القومي للاتحاد الروسي حتى عام 2020"، التي صادق عليها الرئيس ميدفيديف في 12 آيار/ مايو 2009، تغييرات مهمة في التوجهات الأمنية الروسية، إذ جاءت بنود هذه الوثيقة بصيغة أقل عدائية تجاه الولايات المتحدة وحلف شمالي الأطلسي، مع إستمرار إحتوائها على عناصر الحزم بما يتعلق بالمصالح الأمنية الروسية الإقليمية.

وقد فسرت هذه التغييرات برغبة موسكو في ترميم علاقتها مع الولايات المتحدة والغرب بعد ما أصاب هذه العلاقة من آثار سلبية نتيجة الحرب الروسية- الجورجية في آب 2008 (13).

أما عن النشاطات العسكرية الروسية الدولية بعد الحرب الباردة، كان فلاديمير بوتين قد أعلن منذ توليه منصب رئيس وزراء روسيا الإتحادية أول مرة لمدة قصيرة في عام 1999، عن قراره بإعادة تأسيس وجود عسكري روسي في منطقة البحر المتوسط، مثل الذي كان موجوداً خلال الحقبة السوفييتية، عندما كان للسوفييت قاعدة بحرية كبيرة في ميناء طرطوس السوري على البحر المتوسط، ووجود عسكري في ألبانيا ومصر.

وبعد ذلك تم إدراج هذا الهدف في العقيدة البحرية لروسيا لعام 2001 التي توجز أهداف السياسة البحرية الروسية حتى عام 2020، ووفق هذه العقيدة ينظر إلى البحر المتوسط على إنه منطقة مهمة إستراتيجياً، تهدف روسيا إلى تأمين وجود بحري مناسب فيها.

وقد بدأت التقارير وتصريحات المسؤولين الروس تكشف عن الهدف النهائي للنشاطات البحرية الروسية التي تصاعدت هذه المنطقة خلال الأعوام (200- 2010)، والذي يتمثل بخطط لتأسيس قاعدة بحرية روسية في طرطوس، لإستيعاب تمركز معظم أسطول البحر الأسود الروسي فيها، فالروس يعدون طرطوس بوابة إستراتيجية، ليس للبحر المتوسط فحسب، بل للمحيط الأطلسي (عبر مضيق جبل طارق) والبحر الأحمر والقرن الأفريقي (عبر قناة السويس). كما كان هنالك مشروع جرى التباحث عليه في تشرين الأول/ أكتوبر 2008 بين روسيا الإتحادية وليبيا، إبان حكم الرئيس الليبي السابق معمر القذافي (1969- 2011) على إنشاء قاعدة بحرية روسية في بنغازي (14).

ويوجد في القاعدة البحرية في ميناء طرطوس السوري في الوقت الحاضر مركز لتأمين المستلزمات المادية والتقنية لسفن الأسطول الحربي الروسي، وثلاث منصات عائمة، وحوض إصلاح سفن، ومستودعات، وغيرها من التسهيلات. وقد أكد مصدر في قيادة أسطول البحر الأسود في أيلول 2011 على ان هنالك وجود دائم للقطع البحرية الروسية في قاعدة طرطوس البحرية للدلالة على الحضور الروسي في هذه المنطقة التي يلفها التوتر، ولإستخدامها في إجلاء الرعايا الروس عند الحاجة، مثل سفينة "إمان"، وسفينة "إيفان بوبنوف" التي تحمل على متنها وحدة من مشاة البحرية الروسية (15).

وتجلى الوجود العسكري الروسي الصاعد في البحر المتوسط أيضاً في تزايد المناورات العسكرية التي تجريها البحرية الروسية في هذه المنطقة، والتي بدأت أولها في أواخر العام 2007 شرقي البحر المتوسط، والتي إشتركت فيها حاملة الطائرات الروسية (الوحيدة) "الأميرال كوزنيتسوف Admiral Kuznetsov"، وقد اشتملت هذه المناورات على ثلاث تدريبات تكتيكية؛ منها عمليات إطلاق حقيقية للصواريخ، وأخرى عن طريق المحاكاة، فضلاً عن زيارات لبعض الموانئ. وهنالك مظاهر أخرى للنشاط العسكري الروسي في هذه المنطقة تدل على محاولات لتأسيس أو إعادة تعزيز العلاقات العسكرية الروسية فيها، وهي تزايد مبيعات الأسلحة الروسية للبلدان الواقعة على سواحل البحر المتوسط، وبخاصة الجزائر وليبيا(في عهد القذافي)، وسوريا، أما مصر و(إسرائيل)، الحليفتين التقليديتين الرئيستين للولايات المتحدة في هذه المنطقة، فهنالك مؤشرات أيضاً على حدوث تقارب عسكري بينهما وبين روسيا الإتحادية (16).

تجيد روسيا في الوقت الحاضر إستخدام الدعاية والإعلام العسكري، بتقديم أفضل إنتاجها العسكري في معارض السلاح العالمية، مثل معرض بروكسل في نيسان/ ابريل 2008، ومعرض موسكو في آب/ أغسطس 2008، كما دخلت بثقة لأكبر معرض للأسلحة في الشرق الأوسط في أبوظبي (معرض إيدكس) في تشرين الثاني/ نوفمبر 2009، ومعرض اسطنبول في نيسان/ ابريل 2009، وتمثل هذه المعارض فرصة لروسيا الإتحادية للظهور كقطب دولي في تصدير الأسلحة.

وتصدر روسيا مختلف أنواع الأسلحة والمعدات والتجهيزات العسكرية، البرية والجوية والبحرية، ولكنها تتميز في سوق السلاح العالمي بتوريد أسلحة ومعدات الهجوم والدفاع الجوي، والتي تشكل ما يقارب (75%) من صادرات الأسلحة الروسية، التي تعود على روسيا بعوائد تتراوح ما بين (7- 9) مليار دولار سنويا (17).

وفي محاولة لتذكير للولايات المتحدة بأنها وحلفائها تتوغل في مناطق مهمة وحيوية لإعتبارات الأمن القومي الروسي، قامت البحرية الروسية في أيلول/ سبتمبر 2008 بإجراء مناورات عسكرية في البحر الكاريبي الذي يعد منطقة نفوذ تقليدية لأمريكا، واشتركت في تلك المناورات عدد من القطع البحرية مثل الطراد "بطرس الأكبر" والسفينة المضادة للغواصات "الأميرال تشابانينكو" وسفينتي إسناد والطائرات القاصفة من طراز "160 TU-"، القادرة على حمل أسلحة نووية، والتي استخدمت موانئ ومطارات دول عدة في تلك المنطقة لإجراء هذه التدريبات، وقد استثمرت موسكو علاقاتها ببعض خصوم الولايات المتحدة الأمريكية من قادة تلك المنطقة، أمثال الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز Hugo Chavez ( 1999- )، والرئيس الكوبي فيدل كاسترو Fidel Castro ( 1959- 2008 ) لتنفيذ تلك المناورات، وعقد صفقات تسليح مع تلك البلدان (18).

فقد تعاقدت روسيا مع البرازيل على تزويدها بطائرات مروحية عسكرية من طرازي "مي- 35" و"مي- 17- ف"، كما تم توقيع إتفاق بين روسيا وبيرو على إنشاء مركز لصيانة المروحيات الروسية من طراز"مي- 8" و"مي- 17" و"مي- 26- ت"، كما وقعت روسيا مع فنزويلا عقود تسليح بقيمة (3,8) مليار دولار (19).



(المبحث الثالث من بحث الإستراتيجية العسكرية الروسية بعد الحرب الباردة المنشور في مجلة دراسات اقليمية, 2013, المجلد 10, العدد 32)

المحتوى قيد الإنشاء والمراجعة - لم يتم الانتهاء منه كلّيّا، على سبيل المثال لا الحصر، لم يتمّ إضافة الهوامش بعد.  alert-warning

بقلم الدّكتور

واثق السعدون

(منشور بعد إذن منه)

مدير قسم الدراسات العربية في مركز أورسام لدراسات الشرق الأوسط في أنقرة ORSAM.

كما قد يثير انتباهك العودة للآتي:

full-width

الهوامش والمصادر:

(1) يتألف الإتحاد الروسي الفيدرالي من (82) مكون، (21) جمهورية، (46) إقليم، (9) مقاطعات، (4) مناطق حكم ذاتي، ومدينتان فيدراليتان هما موسكو، وسان بطرس بورغ. المعلومات متاحة في موقع السفارة الروسية في واشنطن على الشبكات المتصلة(الانترنيت): www.russianembassy.org
(2) محمد يوسف عدس، الحرب الشيشانية: بين التأليف والتزييف، المختار الإسلامي للنشر، (القاهرة، 2000)، ص61.
(3) عبد الحميد، المصدر السابق، ص ص 57- 61.
(4) الإمارة، المصدر السابق، ص 277.
(5) الحيالي، المصدر السابق، ص 53.
(6) تقع (أوسيتيا الجنوبية) في وسط جورجيا في الطرف الشمالي – الجبلي، وتبلغ مساحتها (3900 كم2)، أما عدد سكانها حسب إحصاء عام 2000 فيبلغ حوالي (70000) نسمة، (65%) منهم أوسيتيون و(30%) منهم جورجيون، وتعد مدينة(تسيخفنالي) عاصمة الإقليم، ويعد الأوسيتيون أنفسهم حلفاء تاريخيين للروس. تفاقمت أزمة أوسيتيا الجنوبية بعد تفكك الإتحاد السوفييتي، وإستقلال جورجيا، إذ طالب معظم الأوسيتيون آنذاك بالانفصال عن جورجيا والاتحاد مع اوسيتيا الشمالية التابعة لروسيا الإتحادية والتي تحاددها من الشمال، ماعدا مواطنو أوسيتيا الجنوبية من أصل جورجي فانهم طالبوا بالبقاء ضمن جورجيا، فاندلعت حرب أهلية في هذا الإقليم، راح ضحيتها أكثر من (700) قتيل وآلاف الجرحى، قبل إيقاف إطلاق النار في حزيران/ يونيو1992، والاتفاق على نشر قوات حفظ سلام مشتركة (جورجية واوسيتية وروسية)، وجمدت القضية. حاول الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي Mikhail Saakashvili (2004- ) القيام بعملية عسكرية لاستعادة السيطرة على هذا الإقليم في عام 2004، ولكنه فشل بفضل الدعم الروسي للميليشيات الأوسيتية. ثم كرر المحاولة في 8 آب/ أغسطس 2008 بنطاق أوسع، غير أن الرد الروسي جاء أكثر قوة، فأجبر الروس الجيش الجورجي على الانسحاب خارج أوسيتيا الجنوبية والتقهقر داخل العمق الجورجي، بل وفتحت جبهة جديدة ضد الجورجيين في إقليم أبخازيا المتمرد أيضاً، وفي خضم هذه التطورات المتسارعة أعلنت أوسيتيا الجنوبية انفصالها عن جورجيا واستقلالها في 26 آب/ أغسطس 2008، واعترفت روسيا بهذا الاستقلال ودعمته. أما إقليم (أبخازيا) فإنه يقع في الشمال الغربي من جورجيا على ساحل البحر الأسود ومساحتها (8600) كم2، عدد السكان حسب إحصاء عام 2006 هو (190000) نسمة، ينتمون عرقياً إلى طوائف متنوعة، أبخاز وجورجيين وروس وأرمن وأذريين ويونانيين وتتار وشركس وشيشان وأنغوش، ودينياً إلى مسيحيين أرثوذكس ومسلمين. بدأت محاولات ابخازيا للانفصال عن جورجيا منذ مطلع تسعينات القرن المنصرم، وبعد جولات عدة من المواجهات المسلحة أصبح الإقليم خارج سيطرة جورجيا، وسارت الأمور في أبخاريا لصالح تكريس وضع الانفصال المجمد، بفضل دعم موسكو السياسي والعسكري، اعلنت أبخازيا نفسها كجمهورية مستقلة تماماً عن جورجيا بعد حرب آب/ أغسطس 2008 التي هزمت فيها روسيا القوات الجورجية في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا. لمزيد من التفاصيل ينظر: العبيدي و السعدون، المصدر السابق، ص ص 19- 27. (7) فيتالي نومكن، العلاقات الروسية مع أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية: إنعكاسات على الأمن العالمي، سلسلة محاضرات الإمارات (99)، ط1، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، (أبو ظبي، 2006)، ص 25.
(8) ناغورنو قرة باخ: إقليم تابع لأذربيجان تسكن فيه أغلبية أرمنية ترغب بالانفصال عن أذربيجان والانضمام لأرمينيا، أعلن الإقليم نفسه جمهورية مستقلة عام 1991، الأمر الذي أدى إلى نشوب صراع مسلح للسيطرة على الإقليم بين أذربيجان وأرمينيا خلال تسعينات القرن المنصرم، والإقليم الآن خارج السيطرة الأذربيجانية. ينظر:" سركيسيان يفوز بالرئاسة الأرمنية والمعارضة تشكك في نزاهة الانتخابات"، مقالة منشورة في صحيفة الرياض (السعودية)، ع (14486)، 21 شباط/ فبراير 2008.
(9) أبو الفضل التشيبي، رئيس أذربيجان السابق، فاز بأول انتخابات رئاسية ديمقراطية في أذربيجان، أجريت في 1992، شهدت فترة حكمه اضطرابات كادت تهدد بانهيار البلاد. فتح معركة مع إيران حول تبريز، وافتعل مشكلة في الشمال مع الحركة القومية اللازيكية، وفي الجنوب مع الطاليش من ذوي الأصول الفارسية. وقد طالب هؤلاء بالانفصال، فضلاً عن حرب ناغورنو كاراباخ التي عمقت هذه الاضطرابات وتسبّبت بسقوط حكومة التشيبي الذي لم يكمل عاماً واحداً في الرئاسة في منتصف حزيران 1993، وأجبر التشيبي على الفرار من باكو على أثر تمرد قادة وضباط الجيش، استدعي على أثر هذا الانقلاب حيدر علييف لتولي مقاليد الحكم. ولمزيد من التفاصيل ينظر: إيلي شلهوب، "آذربيجان وناغورنو كاراباخ"، مقالة منشورة في صحيفة الأخبار (الالكترونية) في الشبكات المتصلة (الانترنيت).
(10) فريدريك ستار، البيئة الأمنية في آسيا الوسطى، سلسلة محاضرات الامارات (38)، ط1، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، (أبو ظبي، 1999)، ص 25.
(11) عبد الحميد، المصدر السابق، ص 92.
(12) نومكن، المصدر السابق، ص 5.

(13) Javier Morales, "Russia’s New National Security Strategy: Towards a ‘Medvedev Doctrine’?", (ARI) Analysis of Elcano Royal Institute, No. 135 , Area: Security & Defence, (Madrid, 2009), p.1.

(14) ديريك لوتربيك و جورجي إنغلبريت، الغرب وروسيا في البحر الأبيض المتوسط: نحو تنافس متجدد، سلسلة دراسات عالمية (93)، ط1، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، (أبوظبي، 2010)، ص ص 20، 22.
(15) حازم علي، "روسيا- سوريا..قبل الأزمة وبعدها"، مقالة منشورة في صحيفة الزمان (العراقية)، ع (4170)، 10/ 4/ 2012، ص 14.
(16) لوتربيك و إنغلبريت، المصدر السابق، ص ص 22- 35.
(17) عبد الحميد، المصدر السابق، ص ص 70، 71.
(18) المصدر نفسه، ص ص 96، 97.
(19) الإمارة، المصدر السابق، ص 341.

تاريخ آخر تعديل: فبراير 02، 2022

إرسال تعليق

اترك تعليقا (0)

أحدث أقدم