التشبيه: الضمني - التمثيلي - البليغ | تعاريف | صور | أمثلة

التشبيه الضمني التمثيلي البليغ


التشبيه: الضمني - التمثيلي - البليغ | تعاريف | صور | أمثلة

التشبيه الضمني

تعريف التشبيه الضمني

التشبيه الضمني هو: تشبيه لا يوضع فيه المشبه والمشبه به في صورة من صور التشبيه المعروفة، بل يلمحان في التركيب. وهذا النوع يؤتى به ليفيد أن الحكم الذي أسند إلى المشبه ممكن.

إن كل ما مرّ معنا من أنواع التشبيه كان تشبيها صريحا، أي أن منشئ العبارة التشبيهية قد عمد إلى التشبيه في عباراته بصراحة ووضوح، وجاء بمشبه ومشبه به ظاهرين يمكن الإشارة إليهما.
ولكنه قد ينحو الكاتب أو الشاعر منحى من البلاغة يوحي فيه بالتشبيه من غير أن يصرّح به في صورة من صوره المعروفة.
يفعل ذلك نزوعا إلى الابتكار، وإقامة للدليل على الحكم الذي أسنده إلى المشبه، ورغبة في إخفاء التشبيه، لأن التشبيه كلما دق وخفي كان أبلغ وأفعل في النفس، ولمعرفة ما في هذا النوع من التشبيهات من جمال وروعة لا بد من ذكر بعض الأمثلة التي جرت على ألسنة الشعراء والأدباء.
نموذج للتشبيه الضمني:
قال أبو الطيب المتنبي


مَن يَهُن يَسهُلِ الهَوانُ عَلَيهِ
ما لِجُرحٍ بِمَـيِّـتٍ إيلامُ

هذا البيت من الشعر تشبيها؟
إذا وجدته فما هو؟
وهل يمكنك أن تشير إليه بالإصبع؟
الجواب هو لا، لأنه لم يوضع في صورة من صور التشبيه المعروفة، ولم يأتِ المتنبي بتشبيه صريح،
فهو لم يقل: إن الشخص الذي اعتاد الهوان والذل وصار لا يشعر بقسوة الإهانة، كالميت الذي لا يتألم حتى وإن أصابته الجراح، ولكننا نرى أنه يشبه ضمنا من هانت عليه نفسه، فهو لا يتأثر، كالميت فاقد الشعور والإحساس، وأتى بجملة ضمنها هذا المعنى في صورة البرهان.
قال البحتري يصف أخلاق ممدوحه:

وَقَدْ زَادَهَا إفْرَاطَ حُسْنٍ جِوَارُهَا
خَلاَئقَ أصْفَارٍ مِنَ المَجْدِ، خُيَّبِ
وَحُسنُ دَرَارِيِّ الكَوَاكِبِ أنْ تُرَى
طَوَالِعَ في دَاجٍ مِنَ اللَّيلِ، غَيهَبِ


شبّه البحتري أخلاق ممدوحه التي تزداد حسنا وتألقا لوجودها في جوار أخلاق وضيعة لأقوام لا فضل فيهم ولا مجد لهم، بحال الكواكب العظام تزداد تلألؤا في الليل البهيم.
وقد رأينا أنه لم يصرح بالتشبيه، ولم يأت بطرفيه على صورة من صوره المعروفة، فلا مشبه ولا مشبه به ظاهران صريحان، وإنما لمح إليهما، وضمنهما في الكلام.
ورأينا كذلك كيف أنه ضمن التشبيه برهانا على أن الحكم الذي أسنده إلى المشبه -وهو ظهور الأخلاق الحسنة وازدياد جمالها لوجودها إلى جانب قوم لا أخلاق فيهم- ممكن، والدليل على ذلك أن الكواكب المضيئة يحسن منظرها ويزيد اشعاعها وتألقها إذا كان الليل شديد الظلمة.

بلاغة التشبيه الضمني

1: إنه دعوى مع البينة والبرهان.
2: إنه إبراز لما يبدو غريبا ومستحيلا.
3: إنه جمع بين أمرين متباعدين، وجنسين غير متقاربين.
4: إنه دلالة على التشبيه بالإشارة، لا بالوضوح والصراحة.


التشبيه التمثيلي

تعريف التشبيه التمثيلي

التشبيه التمثيلي هو: ما كان وجه الشبه فيه صورة منتزعة من متعدد أمرين أو أمور. وهذا مذهب جمهور البلاغيين.
ولا يشترط فيه تركيب الوجه سواء كان الوجه فيه حسيا، أم عقلياً، حقيقيا أو غير حقيقي.
مثال التشبيه التمثيلي: قول الله تعالى: (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم).
فالمشبه: حال من ينفق قليلا في سبيل الله.
والمشبه به: حال من بذر حبة فأنبتت سبع سنابل.
ووجه الشبه: هو صورة من يعمل قليلا فيجني من ثمار عمله كثيرا، وهو منتزع من أمور شتى: (حبة، وإنباتها سبع سنابل، وكون مائة حبة في كل سنبلة).

مواقع تشبيه التمثيل

لتشبيه التمثيل موقعان:
1-   أن يكون في مفتتح الكلام، فيكون قياسا موضحا، وبرهانا مصاحبا، وهو كثير جدا في القرآن، نحو قوله تعالى: (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة) [البقرة/261].
2-   ما يجيء بعد تمام المعاني، لإيضاحها وتقريرها، فيشبه البرهان الذي تثبت به الدعوى، نحو قول الشاعر لبيد:
وما المال والأهلون إلا ودائع ... ولا بد يوما أن ترد الودائع

تأثير تشبيه التمثيل في النفس

إذا وقع التمثيل في صدر القول: بعث المعنى إلى النفس بوضوح وجلاء مؤيد بالبرهان، ليقنع السامع، وإذا أتى بعد استيفاء المعاني كان:
1-   إما دليلا على إمكانها، كقول المتنبي:

وما أنا منهم بالعيش فيهم
ولكن معدن الذهب الرغام

لما ادعى أنه ليس منهم مع إقامته بينهم، وكان ذلك يكاد يكون مستحيلا في مجرى العادة، ضرب لذلك المثل بالذهب، فإن مقامه في التراب، وهو أشرف منه.
2-   وإما تأييدا للمعنى الثابت، نحو قول أبي العتاهية:

ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها
إن السفينة لا تجري على اليبس

وعلة هذا: أن النفس تأنس إذا أخرجتها من خفي إلى جلي، ومما تجهله إلى ما هي به أعلم
ولذا تجد النفس من الأريحية ما لا تقدر قدره.

أمثلة على التشبيه التمثيلي

اصبر على مضض الحسود فإن صبرك قاتله
فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكل

المشبه: صورة الحسود إذا صبرت عليه وعلى حسده وسكتّ عنه وتركته في غيظه.
المشبه به: صورة النار عندما تأكل وتحرق الحطب، ولا تجد شيئا تحرقه، تعود لتحرق بعضها بعضا.
وجه الشبه: صورة شيء يُترك فلا يُلحق الأذى بغيره بل بنفسه.
نوع التشبيه: تمثيلي.
قالت الشاعرة مريم بنت أبي يعقوب الأنصاري:

وما ترتجي من بنت سبعين حجّة
وسبع كنسج العنكبوت المهلهلِ
تدبّ دبيب الطفل تسعى إلى العصا
وتمشي بها مشيَ الأسيرِ المكبَّل

المشبه: صورة الشاعرة تمشي ببطء على عصا متثاقلة بسبب الشيخوخة.
المشبه به: صورة مشي أسير أثقلت مشيته القيود.
وجه الشبه: صورة شيء يتحرك ويحدّ من حركته شيء آخر
نوع التشبيه: تمثيلي.

التشبيه البليغ

تعريف التشبيه البليغ

التشبيه البليغ هو: ما اقتصر فيه على ذكر الْمُشَبَّهِ والْمُشَبَّهِ بِهِ فقط؛ دون ذكر الأداة أو وجه الشبه.
وجه الجمال في التشبيه البليغ أنه يوحي للسامع أن المشبه والمشبه به هما شيء واحد.
مثال: قال رسول الله ﷺ: "الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ أَخِيهِ".
يشبه الرسول ﷺ المؤمن بالمرآة في صفائها وجلائها ونقائها ووضوحها.
فالمؤمن لأخيه المؤمن هو المرآة الصافية التي يرى فيها نفسه على حقيقتها كما هي، بلا تزييف ولا تزويق.
وفي الحديث لم يذكر النبي ﷺ أداة تشبيه، بل ساق العبارة على وجه يوحي بأن المشبه والمشبه به شيئا واحدا في الحقيقة. وهذا من أبلغ الأساليب في سَوْقِ التشبيه.
وقال المتنبي وقدِ اعْتَزَمَ سيفُ الدولةِ سَفَرًا:

أيْنَ أزْمَعْتَ أيُّهذا الهُمامُ؟
نَحْنُ نَبْتُ الرُّبَى وأنتَ الغَمامُ

وفي هذا المثال يشبه المتنبي ممدوحه بالغمام (أنت الغمام).
فكما هو واضح وبيّن نرى أنّ المتنبي قد حذف أداة التشبيه ووجه الشّبه زيادة في التوكيد.

صور التشبيهِ البليغ

للتشبيهُ البليغُ صور عدة منها:
1-   أنَ يقعَ المشبَّهُ والمشبه به مبتدأ وخبراً أو ما أصله مبتدأ وخبر، كقول الزهاوي:
وكنّا نجوما أنت زهرة روضها ... وكنّا نجوما أنت من بينها البدرُ.

2-   اعتبار المشبه مقصورا على المشبه به وحصورا معه، وذلك بأسلوب القصر والحصر، كقول الرصافي:

إذا ما عق موطنهم أناسٌ
ولم يبنوا به للعلم دورا
فان ثيابهم أكفان موتى
وليس بيوتهم إلا قبورا

3-   صياغة المشبه والمشبه به في تركيب إضافي نلمس فيه المشبه به مضافا والمشبه مضافا إليه، كقول الشاعر:
والريح تعبث بالغصون وقد جرى
ذهبُ الأصيل على لجين الماءِ

راجع:

إرسال تعليق

اترك تعليقا (0)

أحدث أقدم